مركز إثراء وجولة زمكان





في الفترة الماضية وافتني فرصة غير مخطط لها لزيارة مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي(إثراء)، والذي كنت أود زيارته منذ فترة. ومن حسن الحظ أن يوم الزيارة صادف يوماً قليل الزوّار فكان المكان هادئاً جدّاً مما جعل زيارتي التأمّلية أكثر إثراء. جذبني جداً تصميم المكان والمساحات الشاسعة فيه، كما أعجبني تنوع الفعاليات والبرامج المقامة وملاءمتها لمختلف الاهتمامات والفئات كالأطفال والقرّاء وهواة الفنون التشكيلية أو هواة الاستكشاف والابتكار. لم أتمكن بالتأكيد من زيارة جميع الفعاليات، لكنني زرت المكتبة والمقاهي والسينما وشاهدت فيلماً لطيفاً واقتنيت كتيّب ادفارد مونك الذي سأخصه بتدوينة مستقلة، ثم توجهت للمتجر وأخيراً اختتمت جولتي بمعرض زمكان.

ملاحظة: اضغط على الصورة لمشاهدتها بحجمها الطبيعي.


المكتبة:

تتكون مكتبة إثراء من أكثر من طابق وأكثر من قسم بمختلف المحتويات الأدبية لمختلف الأعمار والاتجاهات، والتي تم تصميم طوابقها بشكل مقوّس احترافي يجعلك تعبر كل طابق باستخدام السلم المتحرك وكأنك تعبر أرفف مكتبة. حقيقةً لم يسعفني الوقت للجلوس فيها لوقت طويل لكنني تعلقت بها وبنوعية الكتب المعروضة فيها والتي يمنع اقتناؤها للأسف فهي معدة للقراءة فقط. أحببت طريقة عرض الكتب وإضاءة وسكينة المكان والتزام المتواجدين بالهدوء، مما جعلني أشعر بضرورة تكرار الزيارة!


المتجر:

يحتوي متجر إثراء على مقتنيات لطيفة تتنوع بين الأعمال الحرفية التذكارية للمركز والمنحوتات والتحف والحقائب وغيرها. الجميل في المتجر أنه يستعرض المقتنيات بطابع الهوية السعودية كما أنه يستعرض أعمالاً من إنتاج أيدٍ سعودية. كما سعدت بمصادفة إصدارات سارة الهندي بين أرفف المتجر. بالمناسبة، اقتنيت دبوس تذكاري وفاصل كتاب رقيق للعاصمة وتحفة ملوّنة.


معرض زمكان:

في نهاية المطاف توجهت لمعرض زمكان الذي استوقفني اسمه وفكرته، ففضلت توثيق ما يلهمني من معروضات وما يخالجني من شعور تجاهها.
"يستعرض المعرض 11 عملا فنيا يعبر فيه الفنانون عن مفاهيم الزمان والمكان لتفتح مجال للتأملات حول التساؤلات الخاصة بالوقت والفضاء الذي يحيط بنا"


أثناء تجوالي في المعرض لم يكن هناك أشخاص يقومون بتوضيح فكرة الأعمال ومقاصدها مما أتاح لي فرصة التأمل الشخصية التي تأذن للشعور الداخلي بأن يفسر أفكار الأعمال المشاهدة وتفسيرها بطريقة قد تختلف عن مغزى صانعها. فيما يلي قائمة بأعمال استوقفتني مرفقة بتأملاتي الخاصة:

ما يكمن وراء الشمس:



حين تأملت هذا العمل، بدت الفكرة بالغوص في تفاصيل التهاب الشمس، تلك الشمس التي تبدو لنا كوجه لطيف مستدير، يوحي لنا بالإشراق والفأل، لكنه يضم في داخله شبكة معقدة من جزيئات اللهب والحرارة لتظهر صافية المطلع ودافئة التأثير.

حاويات النفط:



من ينظر إلى حاويات النفط في أزقة البلاد وحجرات المصانع قد لا يدرك أهميتها الجمالية ويقتصر على أهميتها العملية فحسب، بينما تجمع تلك الحاويات في هذا العمل ألوانها المتفرقة أوحت لي بأن الجمال موجود في كل شيء، حتى في التفاصيل العتيقة أو المعطوبة، فالجمال حق للجميع، والذائقة تعود لك أنت فقط.

الحب هو قانوني، الحب هو إيماني:



حقيقةً، هذا العمل أطلت الوقوف عنده كلغز، فالحب بالنسبة لي مساحة صافية بعيدة كل البعد عن الزوايا والمكعبات والحدود الضيقة، فشكل لي بعض التناقض. لكن ما استشفيته من العمل واسمه هو أن الحب قانون ثابت كقوانين الزوايا متساوية الأضلاع، وإيمان راسخ يكمن في كل شخص لكنه يختلف باختلاف مبادئه وتجاربه الحياتية بأبعاد مختلفة كأبعاد المكعب المتداخلة والتي تصل في نهاية المطاف إلى عمق الشخص الداخلي، بأن الحب يسكنه لا محالة، والفرص والأشخاص تستخرجه!

تدفق:


ما نراه متشابكاً ومعقداً من أبعاد الحياة قد يكون شبكة انسيابية تدعو لتدفق المعاني والصدف وأشياء لم نتوقعها، هذا ما لمسته من أبعاد هذا العمل.

صوت الصحراء:



شدتني تلك الغرفة المظلمة، وهي عبارة عن شاشة عريضة صامتة تعكس تجربة شخص في تسجيل صوت الصحراء الخالي من أي تداخلات بشرية أو ضجيج المدينة، ولتشاركه تلك التجربة عليك فقط وضع سماعات الأذن والاستماع إلى صوت مذهل.

استمتعت جداً بزيارتي الخاطفة لمركز إثراء والتي تستحق التكرار وقضاء وقت أطول. من الجميل أن نرى مثل تلك النماذج من المراكز الداعمة للهوية الوطنية والجهود الشبابيّة بطابع حديث يحاكي تطور العالم من حول المملكة. ختاماً أشكر القائمين على تلك المبادرات في موسم الشرقية وأشكركم لمشاركتي تلك الجولة في هذه التدوينة، دمتم بخير.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المرأة من منظور "زمّليني"

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

مواليد التسعينات | بين القناعات والتحديات