المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٨

ذوبان الشعور

صورة
قد نظن يوماً أن الأشخاص القريبون منا كما لو كانوا حقيقةً محضة لا يمكن أن تتبدل طوال الدهر، لكننا نبدأ باستشعار تآكل ذلك الشعور شيئاً فشيئاً أمام حقيقة تغيرهم البطيئة وابتعادهم المبرر والغير مبرر. ندرك حينها أن الشعور تجاههم بدا قابلاً للذوبان، بدا مؤهلاً لأن يكون سائلاً أو بخاراً مع مرور الأيام. لا فائدة من طرح الكثير من التساؤلات في هذا المقام، لمَ و لماذا و لمَ لا..! فحين يحدث التغير و الجفاء.. لا يفيد الاستجداء. لا تستجدي شعوراً صادقاً أو وفاءاً فائتاً. فالاستجداء لا يُجدي..لأنه سوف يفضي بك إلى قرب مزيف و إلى مشاعر متهالكة تبدو كالجليد المهشم بعد أن كان سائلاً ذائباً. بالمناسبة، لا يمكن للشعور الصادق أن يكون متهالكاً.. الشعور الصادق إما أن يكون أو لا يكون البتة، إما أن يكون ثابتاً صريحاً قوياً، أو لا يكون. لأنه حين يكون بصورته الهشة الواهنة ( الاقتراب تارة و الجفاء تارة أخرى بشكل تعسفي) فلن يكون شعوراً صادقاً، بل سوف يشوه ذلك الشعور العشوائي معنى الصدق الخالص. سوف ندرك بابتعادهم الغريب و اقترابهم المريب معنى الحياة، فالحياة ذات تقلبات في كل ليلة و نهار.. كما الشعور القابل

الجنون والعظمة

صورة
بعد أن أنهيت كتاب الجنون والعظمة شعرت بأنني ملزمة بالكتابة عنه وبنقل شعوري الحاضر والمتوهج بأسرع وقت ممكن. الكتاب يحمل في طياته تفاصيل ثمينة قد تكون باباً مشرّعاً لمن أوصدت في وجوههم الحياة، وقد يكون طوق النجاة، وهذا ما دعاني للكتابة عنه، فضلاً عن الفائدة التوعوية التي التمستها بنفسي. استهل الكتاب بذكر تفاصيل الشفرة البشرية و النواقل العصبية في جسم الإنسان، لكي يمهد للقارئ ماهيّة الجهاز العصبي الذي يقطن داخلنا و يشكل مشاعرنا وتصوراتنا تجاه الأمور و الحياة اليومية. وكان استهلالاً موفق للغاية للبدء بسرد الأمراض النفسية مرضاً تلو الآخر و كيف لها أن تتسلل لهذا الجهاز الدقيق.  يقدم الكتاب مجلد مختصر و عميق في نفس الوقت للأمراض النفسية الأكثر شيوعاً في العصر الحالي. كنت أقرأ عن كل مرض بتمعن شديد جعلني أدرك أن تعقيد المرض ليس سيئاً بقدر سوء عدم فهم المرض ذاته أو تجاهل المبادرة بعلاجه و الخجل من الإفصاح عن أعراضه، والاستمرار في التوهم بأنه مجرد وهم، مما يؤدي إلى تفاقم ذلك المرض! كنعت المكتئب بقلة الدين و الإيمان وجلده بصفات الضعف و الانعزال، و كوصف مريض الفصام بالجنون و الهذيا

رسالة امتنان

صورة
لم يكن من السهل أن تؤمن بوجود طريق بعد الجدار المغلق في وجهك، ليس من السهل أن تحاول الوصول لما خلف السبيل المسدود و تخالف عقلك الباطن بوجود شيء ما يمكن فعله بعد محاولات فاشلة و منهِكة. حين تلجأ إلى الله فقط، يمكن أن يحدث شيء مختلف، يمكن للجدار أن ينشق، و يمكن للسبيل أن يتفرق، و يمكن للإيمان الداخلي أن يتبدل، يمكن أن يحدث ما لم تتوقع حدوثه، فقط لأنك قررت أن تتعامل مع من بيده مجريات الأقدار، و الليل و النهار. أدرك مؤخراً أنني ممتنة جداً لله حين كشف لي عن ما رواء الجدار المغلق و السبيل المسدود، حين حدث ما لم أتوقع حدوثه،وحين اشتعلت فتيلة النور في عالم مظلم بشدة. إلى أي حد يجدر بي أن أكون ممتنة؟ وكيف لي أن أرسل رسالة امتنان لكل شخص أرسله الله لي، لكي يجري معجزاته على يديه، كيف لي أن أعبّر عن مدى امتناني و عرفاني؟ حقيقةً لا أعلم، لكن الشيء الذي أعلمه هو أن الشعور بالامتنان و إن لم نعبر به للأشخاص الذين قاموا بمساعدتنا كفيل بشعورنا بالسعادة، كفيل بزيادة حبنا للحياة، و للتجارب القاسية، و لتحد المخاوف، و لمجابهة أفكار عقلنا الباطن، و للاستعداد للوقوف لوقت أطول أمام الجدار المغلق