المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٨

موعد خاص

صورة
نحاول جاهدين في بداية كل صباح أن نمسك مربط اليوم وأن نسيطر على مزاجيته، تتخلل الأحداث يومنا بشكل لا إراديّ أحياناً لتشكل قوى خارقة تجتر هذا المربط من بين أيدينا، حينها ننخرط في الثرثرات و المجاملات، و في الأعمال اليومية اللازم إنجازها، و في الكثير من المهام المؤجلة التي لا تحتمل ورقةَ تقويم جديدة للغد فتجبرك على الالتزام بها، و دون أن نشعر نجدنا قد قطعنا ما يتجاوز النصف من اليوم إن لم يكن اليوم كله. كيف لتلك المزاجية المطمئنة في الصباح أن تصمد أمام كل هذا الكم من الشواغل و الثواقل خلال اليوم؟ و كيف لها أن تكون انسيابية بما يكفي لتتسلل إلى أدمغتنا و أرواحنا حتى الصباح الذي يليه؟ لكنها و بلا شك لا تستطيع الصمود أمام ما يعكر صفوها، فهي شديدة التفلّت، سريعة الهرولة، صعبة الاستجلاب وسط بيئةٍ لا ترضيها. لذا، فنحن مجبورون و في كل مرة نضع عن كاهلنا كل تلك الاتزامات بعد إنهائها، و كل تلك المواعيد و المشاوير المقيِّدة لنا، و بعد كل تكليف اجتماعي وحوار مباغت، أن نستجلب مزاجيتنا الخاصة في موعد ودّي خاص، نشعل فيه هوايتنا في الحديث الهادئ، نقرأ فيه روحنا مجدداً، و نمارس طقوسها في

الزير سالم

صورة
منذ الطفولة وهذه الشخصية تتشبث في ذاكرتي، فقد كنت أتأمل شاشة التلفاز ومشاهد حكاية الزير، وألتفت إلى والدي فأرى ابتسامته الحازمة مع كل مشهد واندماجه الكبير، كنت أتعجب كثير حماسه لهذا المسلسل التاريخيّ، حتى وقعت أنا في ذلك الارتباط بيني وبين حكاية الزير سالم. وجدتني أكرر مشاهدة المسلسل مع والدي دون ملل، أقرأ في قصة الزير والتغلبيين والبكريين. وفي كل مرة أجد شيئاً في نفسي من التأثر والاندفاع مجدداً يقودني نحو التعمق في القصة قراءةً ومشاهدة، واستمر ذلك لعدة سنوات، حتى جاءت اللحظة التي أود كتابة ما استثارني من تلك الحكاية هنا. الزير سالم شخصية حقيقية من قبيلة بني تغلب بنو وائل في جزيرة العرب، رويت عنه الكثير من الأخبار في البسالة والشجاعة والأخذ بالثأر، حتى كثرت فيها المغالطات والأقاويل فامتزجت الحقائق بالخيال. فالحكاية تدور حول أخوين من بني تغلب الزير سالم و كليب الذي تم قتله على يد ابن عمه من بني بكر، ليتحمل الزير الأخذ بثأر أخيه. بالنسبة لي شكلت مشاهد المسلسل الجزء الأكبر من شخصية الزير سالم رغم بُعدها بعض الشيء عن الحقيقة، لكنها رسمت في داخلي مواقفاً عديدة جعلت من الزير شخ

ما خلف الوجوه

صورة
في الآونة الأخيرة بدوت وبشكل تلقائي مدركة لما خلف الوجوه، وأعني بما خلف الوجوه كل تلك التفاصيل التي لا نعرفها عن الأشخاص الذين قد نحتك بهم من حولنا وتجمعنا بهم الأيام أو الأعمال أو المواقف أو الصدف، لكل منهم تفاصيل لم نطلع عليها يوماً وربما لن نطلع عليها أبداً، بدوت أقضي حديثي مع الأشخاص بتقبل وحيادية مريحة معتبرةً بأن وجهات نظرهم وطريقتهم في الحديث ومخاوفهم من بعض الأشياء وحدتهم وعنفهم أحياناً تنم عن تفاصيل وتجارب قد تخفى عليّ. أدركت بأنني لست مكلفة باتهامهم لمجرد عدم علمي بتبريراتهم لبعض التصرفات أو لشخصياتهم ككل، وفي ذات الوقت، هم ليسوا مجبورين على أن يطلعونا على كل ما جرى لهم لكي يصبحوا بهذه العقلية أو التفكير أو السلوك أو الأفعال! بدوت متحفظة عن طرح الأسئلة الغير لازمة لي، التي قد تكون القشة التي تقصم ظهر الآخرين بعد كومة من التجارب القاسية، بدوت أكثر مرونة مع ما أتلقاه من الأشخاص باختلاف ثقافاتهم ونهجهم تاركة لهم أحقية التواصل.. ومحتفظةً لي بأحقية عدم التنازل.. عن ثقافتي ونهجي.   إن الأشخاص الذين يحيطون بنا بشكل قريب قد يختلفون عنا بمدى بعيد، قد تفصلنا عنه