ما خلف الوجوه
في
الآونة الأخيرة بدوت وبشكل تلقائي مدركة لما خلف الوجوه، وأعني بما خلف الوجوه كل
تلك التفاصيل التي لا نعرفها عن الأشخاص الذين قد نحتك بهم من حولنا وتجمعنا بهم
الأيام أو الأعمال أو المواقف أو الصدف، لكل منهم تفاصيل لم نطلع عليها يوماً وربما
لن نطلع عليها أبداً، بدوت أقضي حديثي مع الأشخاص بتقبل وحيادية مريحة معتبرةً بأن
وجهات نظرهم وطريقتهم في الحديث ومخاوفهم من بعض الأشياء وحدتهم وعنفهم أحياناً تنم
عن تفاصيل وتجارب قد تخفى عليّ.
أدركت
بأنني لست مكلفة باتهامهم لمجرد عدم علمي بتبريراتهم لبعض التصرفات أو لشخصياتهم
ككل، وفي ذات الوقت، هم ليسوا مجبورين على أن يطلعونا على كل ما جرى لهم لكي
يصبحوا بهذه العقلية أو التفكير أو السلوك أو الأفعال!
بدوت
متحفظة عن طرح الأسئلة الغير لازمة لي، التي قد تكون القشة التي تقصم ظهر الآخرين بعد
كومة من التجارب القاسية، بدوت أكثر مرونة مع ما أتلقاه من الأشخاص باختلاف
ثقافاتهم ونهجهم تاركة لهم أحقية التواصل.. ومحتفظةً لي بأحقية عدم التنازل.. عن
ثقافتي ونهجي.
إن الأشخاص الذين يحيطون بنا بشكل قريب قد
يختلفون عنا بمدى بعيد، قد تفصلنا عنهم أمراض مزمنة لم يبوحوا بها، أو تجارب قاسية
لم يفصحوا عنها، أو مشاعر مرتبكة لم يتخلصوا منها، وجوههم لا تعنيهم بالتحديد،
فثمة أشياء تختبئ خلف تلك الوجوه، لسنا مخولين بكشفها، بل بمراعاتها وتقبلها حين
تظهر على هيئة تصرف أو سلوك أو حتى شعور.
تعليقات
إرسال تعليق