موعد خاص





نحاول جاهدين في بداية كل صباح أن نمسك مربط اليوم وأن نسيطر على مزاجيته، تتخلل الأحداث يومنا بشكل لا إراديّ أحياناً لتشكل قوى خارقة تجتر هذا المربط من بين أيدينا، حينها ننخرط في الثرثرات و المجاملات، و في الأعمال اليومية اللازم إنجازها، و في الكثير من المهام المؤجلة التي لا تحتمل ورقةَ تقويم جديدة للغد فتجبرك على الالتزام بها، و دون أن نشعر نجدنا قد قطعنا ما يتجاوز النصف من اليوم إن لم يكن اليوم كله.

كيف لتلك المزاجية المطمئنة في الصباح أن تصمد أمام كل هذا الكم من الشواغل و الثواقل خلال اليوم؟ و كيف لها أن تكون انسيابية بما يكفي لتتسلل إلى أدمغتنا و أرواحنا حتى الصباح الذي يليه؟ لكنها و بلا شك لا تستطيع الصمود أمام ما يعكر صفوها، فهي شديدة التفلّت، سريعة الهرولة، صعبة الاستجلاب وسط بيئةٍ لا ترضيها.

لذا، فنحن مجبورون و في كل مرة نضع عن كاهلنا كل تلك الاتزامات بعد إنهائها، و كل تلك المواعيد و المشاوير المقيِّدة لنا، و بعد كل تكليف اجتماعي وحوار مباغت، أن نستجلب مزاجيتنا الخاصة في موعد ودّي خاص، نشعل فيه هوايتنا في الحديث الهادئ، نقرأ فيه روحنا مجدداً، و نمارس طقوسها في الانتعاش بشتى التفاصيل، كمجالسة كتاب في آخر الرف، أو الإنصات لترنيمة عتيقة، أو الضحك على التفاهات التي تعنينا نحن بالتحديد، و الكثير من الذي يجدر بنا فعله، بعد فعل كل شيء.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

حياة الركض لا تشبهني