ماذا يعني أن تكون بسيطًا ؟

 


هل من المعقّد في الوقت الراهن أن تكون بسيطًا؟ هل من المعقّد أن تستبدل حاجتك للشيء إلى حاجتك للشعور بالشيء، هل من المعقّد أن تقتنع بأن قطعة الكعك الصغيرة بنفس لذة كعكة ذات ثلاثة طوابق؟ ربمـــا، ولكن ذات السؤال يوحي لي بأن نقيض البساطة نفسها هو التعقيد، البساطة مرادف للانبساط والانسيابيّة والطلاقة والانطلاقة، أما نقيضها فهو التعقيد والتكلّف والانقباض والانكماش. وكأنك تعقد بينك وبين الأشياء عٌقد، تنأى بك عن مرونة تلقّيها والتعاطي معها بأقل ما يمكن من الكلَفَة. فأن لا تكون بسيطًا، يعني أن لا تمتلك انبساط وانسيابيّة تجاه معطيات الكون والكائنات.

أشرت للوقت الراهن في البداية كوني أرى بأنه وقت يعج بالنقائض (التي تشكّل ذلك التعقيد المضاد للبساطة)، كالأمور التافهة المسيطرة، والأمور العظيمة المهمَلة، والكثير مما لا يمكن تفسيره على محمل الجد أو حتى الفكاهة، فنحن اليوم نعيش واقعًا افتراضيًّا، وافتراضًا واقعيّ! فربما من الصعب على نفوسنا البشريّة (التي أؤمن بأن مبتدأ تشكيلها وأصل جوهرها هو البساطة) أن تتغلب على تعقيدات الزمان والمكان الراهنيَن، ومحاولة أخذ الأمور على محمل الانبساط، الذي لا يكون محملًا جادًّا، ولا هزليّ، لأنني لا أعتبره محمل منتصِف، بل مُنصِف. تمامًا كمثال الانحياز للفأل أو الشؤم، فلا التشاؤم محمود، ولا التفاؤل الأعمى موجود، بل هناك حسٌّ حذِر، وأملٌ ينتظر.

فحقيقتنا البسيطة تعكّرها أو ربما تشوّهها تلك الظروف التي ننعجن بها، تلك التيّارات التي ننخرط فيها، وتلك الحياة التي (هي كذلك) تشوّهت حقيقتها. فلنتفق على أننا والحياة جُبلنا على البساطة، لكن الأطوار المجتمعيّة والمعطيات المعيشيّة صنعت منّا ذوات تتعايش مع كثير من الأمور بتعقيد غير مبرر، وضيق وانكماش لا يُفسّر، لأنه تراكميّ وقد يطول، فهو بطول كل تلك المؤثرات وأزمنة التعاطي معها.

خلاصة القول، بأن البساطة نداء الحقيقة الفطريّة الصافية، لا أعني حقيقة الواقع و الوقائع، بل حقيقة النفس، فالبساطة تظل تدعونا لأن نكون حقيقيّين، وبأن نرى الحياة على حقيقتها، فهي تقوم على مبدأ تفسير الأمور بالاعتماد على تلك الحقيقة، لا على تعقيد المحيط، فهي طبيعتنا، ومبتدؤنا، وكما قيل: البساطة، طبيعة النفوس العظيمة!

ذلك المعنى يتمثل لي وكأن تلك البساطة ملكيّة لا مشروطة، بإمكان كل كائن امتلاكها، والاستقلال بها، لتغمره في الداخل وتنعكس عليه في الخارج فتحيطه بتلك العظمة والنهضة، والتي لا تُختَرق أو تتأثر بفعل نقائضها في المحيط الخارجي.

 

البساطة كأسلوب حياة: 

إن كان هذا المبدأ المذكور آنفًا ( أخذ الأمور على محمل البساطة) مثالي أو غير قابل للتنفيذ في خضم الحياة اليوم، فلماذا ( في المقابل) ننظر للمبدأ النقيض (أخذ الأمور على محمل التعقيد) ممكنًا وواقعي؟ بالرغم من أنه غير منطقي ومتنافر مع طبيعتنا وحقيقتنا!! هل لأن هذا المبدأ الثاني يجري في مجرى الحياة التي هي أصلًا معقّدة، وهذا يتطلب أن نكون معقّدين لكي نحيا؟ فاتخاذ تيّار معاكس (البساطة) أمر شاق!!

هذا ليس مبرّرًا مقبولًا، فضلًا عن أنه ليس مبرّرًا أصلًا، فلكل فعل رد فعل، مساويٍ له في المقدار، معاكس له في الاتجاه، فباعتبار التعقيد الذي نواجهه فعل، يُفترض أن تعاكسه ردة فعلنا بالبساطة، لا أن نتعاون نحن و تعقيد الحياة على نفوسنا البسيطة.  

شاهدت مقطع مرئي جميل وذكيّ، يسلّط الضوء على فكرة تبسيط حياتنا وما نعايشه من تعقيد بفعل الكثير من المؤثرات والمشتتات خلال اليوم. وذلك من خلال ربط تلك الفكرة بطفل يبكي في حفلة ميلاده! المقطع جميل للغاية ولكنه باللغة الإنجليزيّة، فقمت بإعادة صياغته بأسلوبي باللغة العربية لضمان وصول الرسالة، لكنني أنصح بمشاهدته قبل قراءة ترجمتي له كونه يطرح المحتوى بمونتاج وتصاميم لطيفة وأسلوب ملهم.



محتوى المقطع كالتالي:

يحرص الوالديَن على أن تكون الحياة مثيرة للغاية لطفلهم، خاصّة في ظرف مميّز كيوم ميلاده، فبعد أن يحضر الأصدقاء جالبين معهم الكثير من الهدايا ويقضون وقتًا ماتعًا في التسلية وتبادل الأحضان والتبريكات الحنونة وتناول الكعك في جو مفعم بالأضواء الساطعة والأغنيات البهيجة، بعد كل هذا العُرس المتواضع لأجل بسمة طفلهم البريئة، يتفاجأ الوالدان بطفلهم باكيًا !

في الحقيقة، صرخة طفلهم الباكي كانت نداء دماغه المنهك : يكفــي!، فيدرك الوالدان أن سبب بكاء طفلهم هو حلول وقت قيلولته. فالدماغ الآن بحاجة إلى الاسترخاء ليبدأ معالجة واستيعاب وهضم كل المواقف والتجارب المتراكمة التي تم تناولها في عقل الطفل، فيذهب الوالدان بالطفل إلى حجرته، ويسدلان ستائر الشرفة، ويضعانه في سريره بقرب الدمى اللطيفة، فسرعان ما ينام ويعم الهدوء والسكون. وهنا نرى أنه تم حل الموضوع في توقيت مرن بالاستعانة بعنصر الحذر والمراعاة لحالة الطفل!

هذا المثال يؤكد على أن بمقدورنا أن نجعل حياتنا أكثر قابليّة للإدارة والتحكم إن تعاملنا مع زحامها وتعقيدها بكل بساطة في غضون وقت قصير جدًّا (كما هو موقف بكاء الطفل والاستجابة المباشرة لذلك). ولكننا للأسف، لا نتحلّى بمثل هذا الحدس والحذر السريع مع أنفسنا.

نقوم بجدولة أسبوعنا الذي سنلتقي فيه بالأصدقاء كل ليلة، وسنعقد اثنيّ عشر اجتماع ( ثلاث منها تتطلب الكثير من التحضير)، كما أننا سنقوم في ذات الأسبوع برحلة سريعة بين عشيّة وضحاها إلى بلد آخر يوم الأربعاء، وسنشاهد ثلاثة أفلام، وسنقرأ أربعة عشر صحيفة، وسنقوم بغسيل وتغيير ستة أزواج من أغطية الأرائك، وسنأكل خمسة وجبات ثقيلة بعد الثامنة مساءً، وسنشرب ثلاثين فنجان من القهوة، ثم نأسف لأن حياتنا مربكة جدًّا وغير هادئة وأيّامنا المراثونيّة تجعلنا أقرب للانهيار العقلي!

هذا النمط يحدث بسبب رفضنا التعامل مع ما تبقى من طفولتنا الكامنة داخل ذواتنا البالغة، فكم يتطلب ذلك من اهتمام صادق لإبقاء الأمور بسيطة وهادئة للغاية. فإن ما نعانيه من القلق والهلع ليس ظاهرة غريبة، بل هي تمامًا مناشدة العقل المنطقية الغاضبة بألا يتم تحفيزه بشكل مستمر ومرهق. وهنا يجدر بنا أن ندرك بعض الأمور الأساسيّة التي نحتاج إليها لتبسيط حياتنا.



الأمر الأول – أشخاص أقل  يعني التزامات أقل:

نظريًّا، إنه لشيء مميّز أن يكون لديك الكثير من العلاقات والأشخاص الذين تلتقي بهم وتمارس معهم الكثير من الأشياء، لكن ذات الشيء يعتبر مرهق ومقلق للغاية من الناحية النفسية، كونه يحتّم على المرء الكثير من الالتزامات والجهد الذهني والبدني مما يحتل جزء لا يُستهان به من حياته. قد يكون التعبير الآتي عنيف بعض الشيء، لكن نيتشه يشير إلى أن الرجال ينقسمون إلى فئتين، العبيد والأحرار، فمن ليس لديه ثلثي يومه لنفسه فهو عبد، مهما كان شأنه ومنصبه. وهنا اللفتة المهمة: يجب علينا أن ندرك أن ما يمكن أن ننجزه (جسديًّا) في يوم واحد ليس هو كذلك (عقليًّا ونفسيًّا)، فإمكانيّة فعل الأمر فيزيائيًّا أو جسديًّا لا يعني أبدًا  مساواته لإمكانيّته نفسيًّا. فقد يكون من الممكن أن ننجز الكثير في اليوم من الالتزامات المجتمعية و إدارة أعمالنا التجارية أو الوظيفيّة بجانب الإدارة الأسريّة، لكن لا ينبغي أن نتفاجأ في نهاية المطاف بأن كل هذه الإجراءات الروتينيّة قد تساهم في الانهيار النفسي والعقلي.

الأمر الثاني – النـــوم:

نحن بحاجة إلى الكثير من ساعات النوم بالطبع؛ كحد أدنى سبع ساعات. أو إن لم نتمكن من توفيرها، فنحن بحاجة على الأقل إلى الاعتراف الكامل بمدى حرماننا منها، حتى لا نفاقم ضجرنا من خلال البحث عن تفسيرات غامضة لها. أحيانًا، في بعض الأيام التي تعج بالضجر الناجم عن قلّة النوم أو الراحة، في الواقع لسنا مضطرين إلى الانفصال من علاقة زوجية، أو إعادة التدريب في مهنة، أو الانتقال إلى بلد آخر، نحن فقط بحاجة للحصول على مزيد من الراحة!

الأمر الثالث – وسائل التواصل الاجتماعي:

إن ما نتلقاه أثناء تصفحنا لهواتفنا ربما يكون أكبر مساهم في اعتلال صحتنا العقلية. بالنسبة للتاريخ، لم يكن من المتصوّر يومًا أن يكون هناك شيء مثل ما نراه في الوقت الحاضر "الكثير من الأنباء والمعلومات". فالمعلومات الواردة في الزمن الماضي من مختلف المصادر سواء من الدوائر السياسيّة أو الدول الأجنبية كانت نادرة ومكلفة ( كان من غير المتوقّع سابقًا أن يتمكن المرء من الانغماس في هذا الكم الهائل من المعلومات كما يمكن للمرء الانغماس في التهام ألواح شوكولاتة). ولكن منذ منتصف القرن العشرين، تحولت الأنباء المعلوماتيّة إلى سلعة، وأصبحت خلال هذه العملية تشكل خطرًا رئيسيًّا على حياتنا العقلية. فهي تقدم لنا في كل دقيقة من كل يوم خيارات لا حصر لها من هوس ومآثر وكوارث وغضب وجنون وانتصارات الغرباء حول كوكبنا المظلم! فالمؤسسات الإخبارية دائمًا ما تتحدث عن حاجتنا إلى المعرفة والآن (Need To Know Now) لكن ما أهملوه هو حاجتنا لأن نعلم (بقدر أهم من أخبارهم) أننا لا نستطيع تغيير كل شيء في هذا العالم، وأن تلك القصص التي نتصفحها تغص بالعنف والحزن، وأن أذهاننا هشة، وأن مسؤوليّاتنا أجدر بالاهتمام، وبأننا بحاجة إلى أن نعيش حياتنا الخاصّة بدلًا من أن تشتتها وتمزقها قصص وحيوات الآخرين الذين هم في نهاية الأمر بعيدون كل البعد عنا ولا تربطنا بهم أي صلة.

الأمر الرابع – التفكير:

إن الأرق والقلق اللذان يداهماننا هما مجرد انتقام من عقلنا لكل الأفكار التي قمنا برفضها بوعي خلال اليوم. ولكي نمنع حدوث ذلك وننعم بالراحة، نحن بحاجة فقط إلى ممارسة التفكير وتمكين أفكارنا من الرحيل خارج رؤوسنا، وذلك بكل بساطة من خلال اقتطاع جزء من وقتنا حيث ليس لدينا ما نفعله سوى الاستلقاء في السرير برفقة وسادتنا وورقة فارغة من أجل نثر الأفكار فيها. وترتكز أهمية ترحيل الأفكار على النظر في ثلاث محاور أساسية تحفّز عقلنا على إجابات تساعدنا لأن نكون أكثر راحة حين نبوح بها:

-         ما الذي يجعلني قلقًا؟

-         مَن تسبب لي بالألم وكيف؟

-         ما الذي يثيرني ويشعرني بالحماس؟

نحن بحاجة ماسّة إلى غربلة فوضى أذهاننا. فتقريبًا كل ساعة من يومنا تتطلب عشر دقائق على الأقل من الغربلة!

الأمر الخامس – التوقعات:

رفع سقف التوقعات عنّا وعن إنجازاتنا وعن نظرة العالم لها يجعل الحياة أكثر تعقيد. بالطبع، قد يكون من الرائع أن تكون شخصًا استثنائيًّا ومشهورًا ومحط أنظار العالم، ولكن ربما يكون الإنجاز الأكبر من كل هذا هو أن تظل شخصًا سليم العقل ومطمئنًّا ولطيفًا. فقد نختار بكل ثقة عدم غزو العالم في سبيل عيش حياة أطول وأكثر هدوء! هذا لا يعني أبدًا أننا نهرب من التحديات وتحقيق الطموحات، ولكننا ببساطة نعيد توجيه إحساسنا بالتحدّي الحقيقي والأهم، وهو الانتصار على الحياة المعقدة والتوقعات الشاقّة، وهنا بالضبط تكمن المكافآت الحقيقيّة التي نستحقها وتستحقها حياتنا. فالحياة الهادئة ليست بالضرورة حياة اعتزال أو هروب، هي فقط تشكّل اعتراف حكيم للغاية بأن الأشياء المُرضِية حقًّا متوفرة بعيدًا عن الأضواء والمدن الكبيرة، وبرواتب متواضعة، وبعيدة كل البعد عن المنافسة الهوسية التي قد تمنح جائزة المركز الاحترافي للمتسابق الذي "لم يذق طعم النوم" في المسابقة.

البساطة ببساطة هي الحكمة الحقيقيّة؛ بأننا فقط بحاجة إلى قيلولة!!

 

في مديح البساطة:

مع استلهام موضوع التدوينة، استحضرت ما بذاكرتي من أعمال تمتدح البساطة في قوالب فنيّة راقية، توصل هذا المعنى الجليل بأسلوب جميل. أحدها فيديو رائع جدًّا وملهم جدًّا ولطيف جدًّا من إنتاج المدوّنة العزيزة نوال القصيّر، أشارت فيه إلى تغيير النظرة السائدة للطموح لمعاييرها المعقدة، ونقلتنا عبر جملها الموزونة إلى فكرة بساطة الطموح وإمكانيّة امتلاك طموح هادئ:




العمل الثاني هي قصيدة البسيط من العمر للأديب عبدالكريم الفقيه، أحب جدًّا هذه القصيدة، وحين كنت أعزم على كتابة التدوينة في ليلة ماضية، تذكرت تلك القصيدة وبدت أرددها، فمعانيها تختزل الكثير من الشرح والكلام عن فحوى البساطة ووصفها، وأجمل ما يقول فيها:


البسيط من العمر ألا تصدق إلا الكلام المخبأ فيك،

وتصغي لصوت الضمير الذي يصطفيك،

ودع عنك كل ضجيج الوجود،

وغص صامتاً فيك حتى تحس عليل فيافيك

أنت أنينك،

أنت رنينك،

أنت سقامك

أنت مشافيك

أنت الذي بيديك دوي الحروب وهمس السحر

فالبسيط من العمر أن تجعل الروح تضحك

كالنبع في طقس خبت وقيظ وحر.

 

هنا أبيات القصيدة كاملة (البسيط من العمر) في حال وددت يا قارئي الكريم الاستلهام منها. أما أنا، فحين كنت أرددها في تلك الليلة، وقبل البدء بكتابة التدوينة، داهمني الوحي بنظم نص أدبي في مديح البساطة، فكتبته، وآثرت ألا يكون مكتوبًا في التدوينة، بل التقطت هاتفي وقمت بتسجيله بهدوء كهدوء تلك الليلة، ورفعه على قناتي في ساوند كلاود، كلمات النص انسابت منّي بكل باسطة لتمدح البساطة، تحت عنوان ماذا يعني أن نكون بسطاء؟ للاستماع ( هنـــا).

إن التفكّر في أننا سنحيا حياة دنيويّة واحدة يثير الشفقة والحماسةَ في آن، فمقدار ما نهدره من تلك الحياة في التعقيد بكل أشكاله يثير الشفقة، ومقدار ما ندرك من عدم جدوى ذلك التعقيد وإمكانيّة تبسيط تلك الحياة يثير الحماسة. وما يثير العجب أن عددًا ليس بالقليل منّا، يختار التعقيد، بملء إرادته، ويترك البساطة للضعفاء، والمهمَلين، ناسيًا أو متناسيًا، أن البسطاء عظماء، كونهم لم يهدروا حياتهم، ونفوسهم، وأرواحهم، وفكرهم، ووقتهم، وجمالهم في أمور لا تمنحهم الشعور الحقيقي بالحياة، فاكتفوا بامتلاك حقيقتهم، وهل هناك أعظم من أن تكون حقيقيًّا؟


تعليقات

  1. رااائعة يا بشرى، ما شاء الله :)
    استمتعت جدًا بقراءة التدوينة، وحركت في نفسي الكثير
    دومًا ما أسعى للبساطة وأحاول تحري طرقها، وإذا ما تعقدت الحياة لفترة فأعلم أنني بحاجة لأعود فأبسطها أكثر.

    شكرًا على الفيديو والترجمة، والنص الجميل بصوتك، وحبذا لو تكتبينه لنعود له باستمرار. وشكرًا على نقاش الأفكار الثري هذا.

    رزقنا الله وإياكم راحة البال والحياة الهانئة

    ردحذف
    الردود
    1. أهلًا زائرتي الوفيّة نوّار!
      الشكر لك على قرائتك وتعليقك الجميل، ولأنك تختارين البساطة بكل إرادتك.
      آمين يارب.

      بالنسبة للنص شاكرة لك اهتمامك، وهو بين يديك:

      ماذا يعني أن نكون بسطاء؟ أن نكون فقراء؟ أن نسعى لقلّة المال وضيق الحال؟ أم أن لا نتطلّع للمزيد من الكمال؟ البساطة لم تكن يومًا شيئًا ملموسًا، بل هي الأسلوب والطريقة والشعور، مهما كان المقصد، شيئًا، أم كنزًا من أشياء، فأن نكون بسطاء، أي أن نكون طلقاء. طلقاء المحيّا، طلقاء الإدراك من تعقيدات البشر، طلقاء البراءة من هواجس المنافسة وحسبة الأعداد وسباقات القدَر، كن بسيطًا يا صديقي، كن بسيطًا منبسطًا، منبسط اليدين، تحتضن الوجود، منبسط الأذنين، تنصت لهمسات الركود، منبسط العينين، تتأمّل ما وراء الصحاري من ورود . فالبساطة في أن نكون، فيكون كل شيء، مهما كان قدْرُه ومقداره، مهما تكشفت أو تكفكفت أسرارُه. البساطة نيّة و ضعف العطيّة، تتألّق في المعنى، وتتواضع في المَعْنيّ، فالقليل من الشيء كثيرُه، والبساطة في المعتِم تٌنيره، فالبسيط من النهر خريرُه، والبسيط من الصبح عصافيرُه، والبسيط من الظاهر أساريره، والبسيط من كل شيء هو ما يُثيرُه. فكن بسيطًا، كن بسيطًا يا صديقي.

      حذف
  2. جميل جداً ، اتمنى لو تكبري الخط شوي لان تصفح المدونه من الجوال متعب للعين .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

حياة الركض لا تشبهني