تأملات قمريّة
أحب القمر، أحب هذا المخلوق المنير المستدير، وأهوى دائمًا انتظاره وتوثيقه في الليلة الرابعة عشر من كل شهر. قبل سويعات كنت في مشوار ليلي، وكنت أسند رأسي باسترخاء على النافذة وبصري متجه نحو السماء، فأبصرت القمر، في هيئة البدر، ونوره يتفجّر بالبياض وسط حلكة السماء، تأمّلته بهدوء وأنا أعبر الشوارع وهو يعبرها معي، فأوحى إليّ بتأمّلات جميلة، أرغمتني على بعثرة حقيبتي وإخراج هاتفي وفتح صفحة الملاحظات وتقييدها كنقاط قصيرة للتدوين عنها فور العودة للمنزل، ففي الحقيقة افتقدت التدوين عن المواضيع التي تنشأ قيد اللحظة، دون تخطيط مسبق أو نيّة كتابيّة بنكهة ثقافية تتطلب التأجيل والإعداد. وها أنا أجلس الآن على مكتبي بجانب إنارتي الصفراء لأكتب تأملاتي القمريّة بعد منتصف الليل.. فلسفة الكمال: أول ما خطر ببالي وأنا أتأمل القمر هو اكتماله وتوقيت ذلك الاكتمال، فالقمر يكتمل في يوم واحد بل في ليلة واحدة فقط من ذلك اليوم من كل أيام الشهر، تفكّرت في ذلك الوقت المحدود جدًّا الذي يتاح للقمر فيه أن يتجلّى في أبهى حلّة، وبأكمل وجه، يضيء فيه بكل قدرته الجماليّة، ومن جميع اتجاهاته الضوئية، ليلة واحدة يباح فيه...