مكتبة إثراء وقراءات جديدة



مع عودة الحياة مؤخرًا شيئًا فشيئًا لوضعها الطبيعي، تواصلت مع مركز إثراء لأستفسر عن إمكانيّة الزيارة في هذه الفترة. كان من المبهج أن الأقسام الرئيسية للمركز تزاول نشاطها بالرغم من تراجع نشاط العديد من الفعاليات المُقامة دوريًّا في المركز بحكم التباعد الاجتماعي. لكنني لم أتوقع تراجع روّاد المركز إلى هذا الحد، فحين توجهنا لإثراء صباحًا كنّا الزوّار الوحيدين في هذا المبنى الكبير، كان الشعور غريبًا في الحقيقة، ولكنني وبعد مضي القليل من الوقت لحظت بدء توافد القليل من الزوّار. بالنسبة لي، فضلت أن يكون المكان هكذا لعدم الاحتكاك بجمع من الناس فضلًا عن فرصة توفّر الهدوء الملائم لساعات الصباح التي نويت أن أقضيها في المكتبة. لكنني قبل ذلك، توجهت للمتجر لاقتناء بعض الحاجيّات الملهمة وتناول المفرحات.

في الواقع، لم يكن في خلدي أي توصية عن الكتب التي أود قراءتها (بالمناسبة، مكتبة إثراء توفر الكتب لقراءتها فقط وليس شراءها). فقد كانت خطتي هي التجول في قسم الأدب العربي والتقاط الكتب الملهمة بالنسبة لي والجلوس لقراءتها. الجميل في الأمر، أن المكتبة ترفع من شهيّة تجوالك واطلاعك على الكتب بتصميمها وتوزيع مساحاتها المفروشة بأرفف بيضاء تتخللها إضاءة ذكية في زوايا رائعة. كما تضم المكتبة أكثر من طابق، ولكل طابق اختصاص معيّن في الكتب وفئاتها بما فيها طابق الأطفال. وأخيرًا، تحتوي المكتبة على جلسات مريحة ومقهى بسيط وأجهزة حاسوبيّة. (اضغط على الصورة لعرضها بحجم كبير):


في زيارتي الماضية للمكتبة ساقني القدر لكتاب رائحة المكان للكاتب عبد الإله بلقزيز، وكان من أبدع الكتب التي أحدثت بي نقلة في لغتي الأدبية، فكان بودي في هذه الزيارة أن ألقي نظرة على المزيد من مؤلفاته لكنها وللأسف تتوفر في الطابق الرابع الذي كان مغلقًا هذه المرّة. في المقابل، هذه الزيارة أثرتني بكتب أخرى حازت على إعجابي وقضيت برفقتها وبرفقة كوب شاي وقتًا هادئًا جدد في النفس الكثير بعد فترة الركود الماضية التي طالت كل فرد منّا. أترككم مع الكتب التي رافقتني في تلك الزيارة:

في قبضة المجرى:


كتاب في قبضة المجرى لمها بنت حليم، لا أعرف الكتاب أو مؤلفته مسبقًا، لفتني عنوان الكتاب لأول وهلة والذي تنطبق عليه مقولة "الكتاب واضح من عنوانه". أجل، بت أميّز مستوى الأسلوب الأدبي الرفيع من العنوان بشكل مباشر، ودائمًا لا يخيب ظنّي بمحتواه. قرأت الكتاب كاملًا في تلك الجلسة كونه قصير النصوص وخفيف الكلمات لكنه عميق الصياغة والمعنى والتأثير مما دفعني للبحث عن مؤلفته فيما بعد. تقول محركات البحث بأن مؤلفته مها بنت حليم شاعرة سعودية، لكنني لم أجد لها حساب خاص أو مؤلفات أخرى. هنا شيء من توثيقي للصفحات أثناء قراءتي للكتاب. أراها نصوص بديعة بلغة رفيعة (اضغط على الصورة لعرضها بحجم كبير):



كتاب رباعيّات الخيّام بثلاث ترجمات عراقيّة:


هذه قراءتي الأولى لعمر الخيّام، الشاعر الفارسي وعالم الرياضيات والفلَك، شعرت بفضول تجاه رباعيّاته الشهيرة مما دعاني لاقتناء هذا الكتاب. الرباعيّات عبارة عن أشعار كتبها الخيّام بلغة فارسية، تطرق فيها لموضوعات وجوديّة إنسانيّة، ما أعجبني في الأمر، أن تلك الرباعيّات باتت وجهة لإلهام الأدباء في ترجمتها، كلُّ بلغته، الإنجليز والعرب، فضلًا عن تنوّع الصياغة الأدبية في اللغة العربية نفسها، بفعل ترجمتها بأقلام شتى الأدباء العرب. أي أن كل أديب يقرأ الرباعيّات بحسّه، ثم يصيغها بذائقته. لفتتني جدًّا صياغة الزهاوي للرباعيّات بترجمة حرة، ثم إلحاقها بصياغتها الموزونة، وكيف للشعر ببلاغته أن يختصر الكلام دون إجحاف بحق المعنى، بل بتزيينه بتلك الموسيقى السجعيّة. وثّقت هذه الصفحة كمثال نلاحظ من خلاله نقلة الصياغة من الحرة إلى الموزونة:


أحببت الاستزادة من الترجمات المتوفرة إلكترونيًّا، ووجدت ترجمة بديعة للرباعيات تعود للشاعر أحمد رامي وترجمة إنجليزية لـ Edward FitzGerald ، مما أثار فضولي لمقارنة رباعيّة من الرباعيّات بين ثلاث ترجمات:
Alas, that Spring should vanish with the Rose!
That Youth’s sweet-scented Manuscript should close!
The Nightingale that in the Branches sang,
Ah, whence, and whither flown again who knows!
* Edward FitzGerald

طوت يد الأقدارِ سفر الشباب
وصوَّحت تلك الغصون الرطاب
وقد شدا طير الصبا واختفى
متى أتى. يا لهفا. أين غاب
*أحمد رامي

لهف نفسي على شبابٍ تولّى
وربيعٍ من السرور توارى
انما الطائر المسمى شبابا
بعدما قد اقام يهتف طارا
*جميل الزهاوي
لحظت كم ظل المعنى واحدًا لكن سحر الشعر والوصف يختلف من موسيقى ذوقية لأخرى. أشارككم في الأسفل نسخة الرباعيّات بترجمة أحمد رامي، فهي نسخة واضحة المحتوى وجذابة الوصف والترجمة تليها نسخة إنجليزية لإدوارد (اضغط أسفل الصورة لفتح المف):




الجهنية في لغة النساء وحكاياتهن:


ختام جلستي القرائية كانت مع كتاب الجهنية، قرأت منهُ مقالاً واحدًا فقط، كان مقالاً لطيفًا وأعتقد أن فكرة الكتاب هي طرح قصص قصيرة تدعوا القارئ لاستنتاج خصائص النساء بطريقة فلسفيّة لطيفة.


كتب شكسبير بنسختها القديمة:

وجدت بالمصادفة مؤلفات شكسبير بنسخة قديمة جدًّا، أعترف بأنني اشتهيت سرقتها. في الحقيقة تلك النسخ القديمة بألوانها الباهتة أو مجلداتها المهترئة وخطوطها العربية كالكوفيّة أو الأندلسيّة تثير إعجابي أكثر من الطبعات الحديثة المنمّقة. فلتلك الأغلفة عراقة وأصالة خاصّة جدًّا بالنسبة لي.(اضغط على الصورة لعرضها بحجم كبير):


أخيرًا، كانت جلسة قرائية جميلة، وكان يومًا لطيفًا، محاط بنور الشمس، رائحة الشاي، وجوه الناس العائدة للحياة، بالرغم من سطوة الهدوء وركود الكثير من قاعات وملحقات المركز. هنا توثيقات من زوايا متفرّقة لزيارتي. شكرًا لمرافقتكم. (اضغط على الصورة لعرضها بحجم كبير):


تعليقات

  1. وااو يا بشرى ، شكرًا للتوثيق ، رائع رائع رائع 💌😇
    ننتظر المزيد من التوثيق 🙃

    ردحذف
    الردود
    1. الروعة في تواجدك المبهج، الشكر لك عزيزتي 3>

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة