المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٩

October | الحب الصامت

صورة
تشدني دائماً تلك القصص المفعمة بالشعور والمعاني العميقة المبطنة في التحركات الدقيقة، كحكاية فيلم أكتوبر. تدور حكاية الفيلم حول شاب يدعى (دان) يعمل في إدارة أرقى فنادق المدينة، لكنه لم يكن مستمتعاً بعمله، فكان كثير التذمر والتفريط في شتى المهام التي توكل إليه مما أدى إلى مساءلته من قبل إدارة الفندق وتعرضه للتوبيخ ليقدم وابلاً من الاعتذارات لإبقائه على قيد العمل كما يفعل في كل مرة، بينما كان رفقاؤه ذو سمعة حسنة والتزام مخلص بالعمل ومن بينهم (تشيولي) التي عينتها الإدارة كمرافق لدان في العمل. كانت تشيولي عكس دان تماماً، فقد كانت فتاة متفانية جداً في عملها وكانت تنظر لزميلها دان نظرة تأنيب حيال ما يقترفه من تخبط في العمل وسلبية تجاه الأمور بفعل اعتياده على التوبيخ والتأنيب له من قبل عائلته وإدارة العمل، مما يضطره للجلوس وحيداً بشكل دائم، حتى صادف غيابه يوم العيد واجتماع رفقائه جميعهم في سطح الفندق لقضاء الاحتفال والسهر سوياً ومن بينهم تشيولي التي سألت رفاقها بشكل عفوي "أين دان؟" ثم لم تكمل جملتها بفعل انزلاقها من الأعلى حتى الأسفل في حادث شنيع أودى بها لغيبوبة ومضاعفات ...

الإشباع والعاطفة المنطقية

صورة
استمعت مؤخراً لحوار نقاشي حول العاطفة المتأججة في فترة المراهقة، وكيف لها أن تقود الشخص إلى متاهات من التخبط بفعل شعوره بالوحدة الممزوجة بالاستقلالية والاندفاعية في تلك الفترة الانتقالية من العمر، والتي تزيد حدتها إن كان الشخص معرضاً لعدم الإشباع العاطفي والاهتمام المتزن من قبل أسرته وأقربائه. الجدير بالذكر هو أن تلك الحالة الفسيولوجية قد تتواجد لدى الشخص في غير تلك الفترة العمرية، وذلك بفعل تحقق العوامل الآنفة، لكنها تختلف عن المراهقة باختلاف المبررات والوسائل المتخذة لإشباع تلك العاطفة، والأدهى والأمر أن تلك الفسيولوجية في العمر المتقدم قد تتخذ سلوك الثقة والشعور بالنضج (بحكم العمر المتقدم) لتحقيق تلك الرغبات العاطفية (باختلاف صورها النفسية أو الجسدية) فتشكل في نهاية المطاف وعياً زائفاً لدى الفرد بأحقيته بالإشباع بتلك الوسائل التي يؤمن بها وينتهجها. بمعنى آخر وأكثر وضوحاً، إن الفرد الذي يحوي عاطفةً غير مشبعة (سواء كان واعياً بتلك الحاجة ومعترفاً بها في داخله أو كان غير مدرك لها) سوف يبدأ بالبحث الدؤوب لإشباعها، ومن أحد صور ذلك الإشباع العاطفي هو الإشباع من خلال العلاقا...

ثرثرة ليليّة

صورة
ماذا يعني أن تبحث عن شيء مندس، شيء لا يظهر في الكلمات أو في القسمات، شيء يكمن في الداخل، بين الفكرة وصداها، وبين القلب وعضلته اليمنى، وبين حديث النفس وأنفاسها. ماذا يعني أن تبحث عن المكنون، وعن منتهى الصدق، وما يستقر في قعر الشعور وأكثره براءة، وعما يجعل المرء أول المؤمنين به في خلَده، وأول المترددين في البوح به. أن تبحث عن شيء بـ هكذا عمق وهكذا سريّة، يعني أن تسبح في أكبر محطة للتيه. فنحن البشر ليس لنا سوى الظاهر، ذلك الظاهر الذي تنطلق منه التعابير والكلمات والتصرفات، مقتبسة من الباطن الشيء اليسير، تاركة في أعماقه الشيء الكثير مما لا ندركه وربما لن ندركه، فنظل نتعايش فيما بيننا في نطاق هلاميّ محدود بالخارج تاركين لدواخلنا نطاقاً أكثر اتساعاً من المعاني الخفيّة، فلا يمكننا من خلال ذلك الظاهر أن نراهن على الصدق بكل ما أوتينا من إيمان، ولا نجزم باليقين تجاه الآخرين بدرجة كاملة تحيلنا إلى العمى. فأرى أن أعمق نقطة في الإنسان منطقة ضيقة، لا تتسع إلا للإنسان ذاته ونفسه فقط، وما سوى ذلك فهو ينضح في الأعين والكلمات والمشاعر، وتظل تلك النقطة عصيّة على كل فرد من البشريّة مهما أجاد م...

طريق الشمال وحديث عن القوى

صورة
شاهدت قبل فترة وجيزة فيلم طريق الشمال التابع لمنصة معنى الثقافية. تدور فكرة الفيلم حول توثيق رحلة صديقين نحو الشمال سيراً على الأقدام بمسافة ما يقارب 400 كلم، وما يخالج هذه الرحلة من التزامات قطعا على نفسيهما التعهد بها طيلة الرحلة ومنها الالتزام بالتحدث بالفصحى وطهي الطعام وعدم اعتلاء المركبات بشتى أنواعها. كانت رحلة فريدة بالنسبة لي، فلم تنطوي على المتعة والدهشة لتجربة شيء مغاير، بل كانت أبعد من ذلك. كان الصديقين أشبه بالأطفال حين يبحثان عن المفردة الضائعة بالفصحى ليكملا الحديث، وليصفا عمق الشعور بعد موقف ما من المواقف الكثيرة التي صادفاها. وكانا يطهوان الطعام في البرد القارس بأبسط الطرق والوسائل بدقة تامة خشية نفاد الكمية، وقد حصل أن نفد منهما الماء فكان الجلَد سيد الموقف حتى وجدا مورداً على جانب الطريق. والأجمل من كل هذه التحديات ومواطن تربية النفس هو ما اشتمله الفيلم من مصادفات الأسر الكريمة في البادية والخيام والقصور والمنازل، فعلى اختلاف مستوياتهم اتحدوا جميعاً في قيمة الكرم الخالدة للضيف أياً كانت أراضيه، فمجرد وصوله في حمى تلك الأسر، صار أهلاً لهم وشريكهم في المأكل...