إليّ .. حين يبتعدُ الجميع
إليّ .. إلى عينيّ .. حين يبتعد الجميع .. حين لا أرى أحداً سواي .. يحدقُ إليّ .. إلى قلبي و إلى روحي .. إلى كفّيّ .. لم يكن من السهل أن أعرفني وسط الزحام .. فما باليَ الآن حين عرفتني تخلّيتُ عنّي .. و تركتُ صوتي يأنُّ بآخر الشارع .. ما بالُ عينيّ القاحلتين تستقي المطر من السماء الملئى بكل شيء.. إلا من السّحاب .. و تبقى خاويةً بانتظار غيثٍ لن يأتي .. و ترقبُ الأسرابَ فتذكر اتجاه الماء .. و أنّها أخطأت البقعة التي تحت السماء .. إليّ أحكي بأنني لا يجدرُ بي أن أتيه .. و قد دللتُ السبيل .. لا يجدرُ بي أن أتخلّى عن ذاتيَ العتيقة .. حين تبسمُ لي و تشرّع كفّيها الناعمتين .. إلىّ أقول و أرجو بأن أقف حيث البقعة مهما سبقني الجميع .. و ابتعد الجميع .. و أجمعُ بين جنباتيَ إيماناً كاملاً بأن المطر هنا .. حيث أقف تماماً .. و بأنّهم لن يجدوا المطر حيثُ هرولوا .. و قد يعودون أدراجهم عطشى .. إن كان في العمرُ متّسع للعودة .. إليّ أبوح بالسر المنغمس في العمق .. بأنني لن أجدني... ما دمتُ في كلّ مرة أبتعد عنّي.