(( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاء ))
حين نقترب كثيراً مما يختبئ خلف الأقدار سندرك تماماً
لمَ اللطف و اللطف بالتحديد اقترن بالمشيئة في هذه الآية .. فستشعر حينها أن لطف
الله يكمن في تقديره بجلب المصالح لك .. و كيف لا يكون ذلك لطفاً و الله تعالى
يوصل إلينا المصالح و يشاء لنا المنافع دون أن نعلم و ندبّر .. كيف لا يكون لطفاً
حين نبكي كثيراً و ننزف حسرة على ما يفوتنا من بين أيدينا و هو سبحانه يربط على
قلوبنا كي لا تفلت فقط كي يمكننا من الوصول للنهاية و إدراك المصلحة في المرحلة الأخيرة
.. كيف لا يكون لطفاً يا قلبيَ الصغير ؟ كيف لا يكون لطفاً و الله يضمدك و يرعاك و
أنت ما زلت تبكي و تبقى طوال الليل تحاول تركيب الأمور و تدبيرها .. و الله يبعد
عنك ذاك المتاع لحكمته .. و يغلق ذلك الباب لرحمته .. و يبقيك بعيداً عن شيء تهفو
إليه .. لواسع علمه و رأفته .. و كل ذلك تحت لطفه الكبير .. لطفه الذي يغمرك رغم
جزعك و ظنونك السوداء بأنّك لست بخير إن أحاطتك تلك المنغصات .. ظنونك بأنك لست في
مكانك الصحيح و اللائق .. و لا يكون ذلك إلا هراء .. و هباءاً منثورا .. فإننا في
اللحظة الأولى من فوات المراد نبكي و نعود أدراجنا بخيبة .. لكننا لم نجرّب أن نقف
في اللحظةِ ذاتها و نتأمّل ما قد سيحدث لنا .. فربما كان ذلك المراد هو العائق و القيد
.. ربما كان ذلك المراد هو أصل العناء و الفساد .. و ربما الكثير .. متى يمكننا
إدراك ذلك اللطف .. متى يمكننا العيش معه بكامل وعينا ؟ إننا في كل مرة نبكي فيها
خارج المعقول و نحزن في ذهول .. لا نخسر سوى إيماننا و يقيننا بأن الله ألطف منا
بنا .. فهو العليم بما يصلح الآن و لاحقاً .. و هو الأحكم بما قدّر لنا سابقاً ..
وهو على كل شيء قدير .. لكنّ حدود تأمّلنا الضيقه تحصر لنا مفاهيم واهية .. فنظن
أن بُعد مرادنا و بعض رغباتنا إنّما هو لسوء حالنا و لقصر أيدينا عن ذلك .. لكننا لم نمنح تلك الحدود فرصةً لتتسع فنتأمل أن الله على كل شيء قدير و لو شاء لغمرنا بتلك
الرغبات و الأمنيات إلا أنه يشاء غير ذلك ليلطف بنا .. فيا رب عفوك عنّا حين ننأى
بعيداً بأحزاننا الثقيلة .. حين ننسى أن الخير
كله بيديك ...و الشر ليس إليك .. و أن لا
ملجأ لنا منكّ إلا إليك ..
تعليقات
إرسال تعليق