المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠٢٠

استنطاق ثنائيّات الشعور

صورة
بعد تأمّلي للوحات فنّية مختلفة بدت تغريني شهوة الاستنطاق، فلقد ارتأيت في تفاصيل تلك الرسوم العميقة شعورًا يجدر به أن يوثّق في صفحة ما، بقلم يحكي عمّا يدور فيها من ثنائيّات الشعور. ثنائيّة زوجين، ثنائية الأبناء والأمهات، ثنائيّة الأنثى والرجل، ثنائيّة الشجر والوطن، وأخيراً ثنائيّة الإنسان والجماد. هنا عناوين للرسومات من وحي إلهامي مذيّلة بنصوصي الاستنطاقيّة.   قبلتُ، The Wedding Register – Edmund Leighton     قَبلتُ، وقلت نعم إنّي قَبلتُ، وأحضرتُ في كفّي يقينًا وحبرًا،   ونيّةً بيضاءَ، كردائي الذي قد ارتديتُ.. وخططت بحبري صفحتنا الأولى.. فرحتنا الأولى.. خطوتنا الأولى.. وكلمة الخلد التي بها انتهيتُ، وتجرّدتُ من ذاتي وصرتُ، كشطريّ قصيدةٍ.. ليَ نصفٌ، ولكَ نصفٌ.. وبالنّصفِ اكتملتُ   غَزْلُ أمّي Weaving - Luigi Bechi     كم تجيد أمّيَ غَزْلي، تلملمُ خيوط شتاتي، وحدتي، وعَزلي.. وتنسجُ من عُقَدِها زهوراً، وتطويني بطوق الحبّ.. وتُهديني ..لأجلي..   المرأةُ ال...

بين ميعادٍ وميلاد..

صورة
في هذه الليلة التي تصادف السادس عشر من يونيو أستطيع القول بأنه قد انقضى عام إضافي من عمري، أو إن صح التعبير، قد أضيف عام إلى عمري، لكنني وفي الحقيقة أميل إلى المعنى الأوّل. وذلك لأنني لا أنظر إلى ذكرى ميلادي من خلال ضوء شمعة أو كعكة مزينة برقم العمر، بل أنظر إليها من خلال ضوء ذاتي وأمنياتي، ومسار خطواتي، لذا أمتهن في هذه الذكرى النظر إلى الخلف قبل الأمام. قبل قليل، توجهت لخزانتي والتقطت أحد أجندتي والذي قد دوّنت فيه تفاصيل وتجارب الأشهر التي مضت منذ يونيو الماضي. أخذت في تصفّحه حتى أسترجع تفاصيل أيّامي ولكي أربط نقاط خطواتي ببعضها لإلقاء نظرة عامّة على منحى المسار الذي سلكته وأين أقف حياله في هذه الليلة. كانت سنة حافلة. بالمناسبة، حين أقول حافلة لا يعني ذلك أنّها كانت مليئة بالنجاحات فحسب، كانت حافلة بتحقق بعض الأمنيات ولكنها كذلك كانت حافلة بالوثبات وشيء من الخيبات والمحاولات. لكنني لا أنوي سردها هنا، فليس موضعها أن تُشارك علانيّة، لكنني أقول بأنّ في وسع سنة واحدة أن تعلمني الكثير، أن تعلمني كيف أكون، وتترك لي الخيار للسنة القادمة بأن أكون. سنة واحدة عرفت فيها نفسي، وماذا أ...

قداسة الحُب

صورة
حين أحبّ سالم جوديث في رواية برتقال إسماعيل، رأى فيها وطنه المسلوب، وطمأنينة ذاته المضطربة من فواجع الدهر التي لقيها في طفولته. فذلك الرجل الطفل النابت غضًّا من أشجار يافا، لا يتغذى إلا على هواء الحب، حب الجدران التي احتوته، والأرض التي احتضنته، والسماء التي سقته، وحين انفرط منه ذلك الحب، واستحال وطنه إلى هجرة قاسية ونائية بفعل النكبة، لم ير نفسه إلا وهو يغادر وطنه باحثًا عن وطن آخر، بصورة أخرى، وبحنان مختلف. وفي إحدى الأماكن المنزوية في أزقة لندن، أبصر وجهها، تلك الملامح الطفولية التي أوحت له بطفولته، وتلك العينين الزرقاوتين التي أعادت له زرقة سماء مدينته، وتلك الوجنتين التي استعاد بهما نضرة شجرته المنسيّة، وذلك الوجه الدافئ الذي أجج في شتاء قلبه حرارة حنان أمّه التي هجرته. كل ما كان يفتقده غدا مكتنزًا في إنسانٍ يمثل أمامه، ولا يفصله عنه سوى مسافة الأعين، ورجفة الحديث، ورهبة الاقتراب. إنها جوديث. ولمّا انساب في حبها انسيابًا طغى على مقاومة أصله، وتضاد عرقه، لأنها كانت من أصول يهوديّة، لم يكن منه إلا أن يأذن لها بالاستقرار في قلبه، فقد استحال بُعدها عنه قسوة لا تُحتمل، كما...

الإنسانيّة والخلود ..

صورة
الليلة الماضية شعرت برغبة مشاهدة فيلم ملهم دون توصية سابقة أو انطباع مُسبق، وحبذا أن يتناسب مع مزاجي الحالي المائل إلى الهدوء وأحداث قصة انسيابية دون تعقيدات أو حوارات متشابكة تستدعي حضور ذهني عالي. وكعادتي، حين تداهمني هذه الرغبة المُرهقة، فإن تصفح الأفلام للبحث عن الرغبة المنشودة قد يستغرق مني وقت أطول من الفيلم نفسه الذي سيقع عليه الاختيار ^^ لكنني في هذه المرة ولحسن الحظ بمجرد فتحي لصفحة الأفلام وجدت الفيلم المنشود في مقدمة الصفحة. وجدت فيلم يُدعى "عن الخلود" ( About Endlessness ) مذيّل بوصف مختصر: "يضيف روي أندرسون إلى عالمه السينمائي بتفكيره حول الحياة الإنسانية بكل جمالها ووحشيتها وبريقها في عن الخلود About Endlessness ". كمعنى، لامس التوجّه ذائقتي، بقي لدينا عقدة الرضا عن الإخراج والجو الشاعري الذي يجب أن يلبي الرغبة الطاغية. توجهت لمشاهدة النبذة عن الفيلم، فاستوقفتني صورة المشاهد الفريدة، واتجهت أخيرًا لمشاهدته. يدور الفيلم حول المواقف اللامنتهية أو الخالدة في حياتنا الإنسانية، ويجسّد الشعور فيها بطريقة مؤثرة، مع العبور ضمن مختلف الطبقات المجتمعي...