كيف
كيف لتلك
المصابيح أن تغدو عتمةً في لحظة خاطفة، كيف للحزن أن يلج من مولج البهجة الذي
اعتدته، وأن يتربع اليأس والخواء في مستقر الشغف والعطاء، كيف لذلك كله أن يهبط
على روحي الساكنة كما العاصفة التي لا ترحم سنابل فؤادي المتطايرة، والتي أخذتُ
أجدّ في غرسها مواسم طويلة، سقيتها من غيث الفؤاد وصدق البذل ونشوة الإخلاص. كيف
لكل ذلك أن يحدث كشيء يستحيل حدوثه، وكيف لكل ذلك أن يُهدم في مشهد مسرحيّ هزليّ
يدعو للبكاء. ذلك البكاء الذي أخذ ينهش الروح بانتهاء تلك المسرحية الصاخبة، والذي
أحال حقل الروح أرض مقفرة تعج بصفير الهواجس، فعينايَ لا تحتملان البكاء الغزير،
وشفتاي لا تطيق الصمت الطويل، الذي يحيلها كنبعٍ صافٍ قد ردمته تراكمات رمال الكتمان
على مرّ السكون، وقلبي النابض بالحياة لا يمكنه استيعاب الألم، ذلك الألم الذي
يحدث حين يُؤذى القلب أو يظنّ القلب بأنه قد آذى أحدًا. كيف؟ وهل للــ(كيف) أن
تكفّ عن التوالد في حضرة الحزن، وهل يمكن أن نتكيّف بعد كل كيف تغرس فينا شوكة من
سؤال جديد؟ أم يجدر بنا أن نغدو كالجليد؟ ننزع شائكات الأسئلة المضنية من خاصرة
الضمير، ونمضي كالضرير في ساحة المعركة بغية الانتصار؟
تعليقات
إرسال تعليق