أكثر من مجرد رائحة
كيف للعطور أن تأخذنا لرحلة سريعة بمجرد استنشاق رذاذها نحو ذكريات من الزمان والمكان في مختلف مراحل الحياة، وكيف أن لكل مرحلة رذاذها العالق بها وبتفاصيلها التي لم تزل تكتنزها زجاجة العطر الذي كنت أقتنيه في تلك الفترة. الجميل في الأمر هو عند استنشاقك لعطر قديم، فإن شريطاً من الصور يمر أمام ناظريك مشكلاً فيلماً سريع لكنه عميق لأحداث مرحلة قد مرت بك، وعند استنشاقك له مرة أخرى فستجتاحك موجة من المشاعر التي كانت تداعب نفسك في تلك المرحلة سواء كانت حنيناً أو حماسة أو حزناً أو شغب طفولة ثائرة. حينها أحسست بالامتنان لزجاجات العطور التي تحفظ جزءًا ثميناً منا بها، والتي تمنحنا الفرصة لاسترجاع شعور جميل قد أفلت منا، أو استرجاع ذكرى عابرة مرت على عجل، فيكون باستطاعتنا العيش معها مجددا على مهل مع نسمات ذلك العطر. لم يكن هذا الموضوع ليثيرني لولا اقتنائي لعطور قديمة جداً ترجع لأكثر من عشر سنوات، وبعضها أقل، لكنني وبمجرد استنشاقي لها لامست الذكرى بكامل شعورها، لامست الصباحات اللطيفة التي كنت أقضيها مع أشخاص مميزين، لامست منزل الطفولة، ولامست مرحلة كانت مليئة بالشعور والحنين الصادق. فأثار ا...