في أن تكون أخضر
خلال فترات ماضية حين أكون فيها بعيدة عن وطني الحبيب المملكة العربية السعودية لفترة طويلة أدركت فيها عمق شعوري تجاه الوطن ومعناه وحضنه والانتماء إليه بحكم البعد والاشتياق، وكنت بعد العودة أهيم باللون الأخضر المتدلي من سقف المطار وبصوت المآذن في السماء وبالهوية المرتسمة على من حولي وبالرداء واللهجة والأمان. لكنني اليوم وبحضرة الوطن الحبيب، حيث أقطن، أحسست بشعور مغاير، شعور صادق، لم يصنعه البعد، أو الاغتراب أو الاشتياق، شعور ينبع من هنا، من مكان إقامتك على هذه الربوع السعودية السعيدة، شعورٌ قد أسميه انتماءً أو وفاءً أو حتى امتنان. استوقفني هذا الشعور، فأخذت أبدد شدته العاطفية كيّ أصل لماهيّته، كي أدرك ما شكله، وما هو المعنى الذي يقتات عليه ليكون بـ هكذا قوة. فبدت تساؤلات تلك الشعور بالتفاقم، كيف ينبع حبك للوطن في لحظة عابرة، وكيف لعينيك أن تدمع عند سماع أبيات غابرة، تحكي مجده وطيات نوره المسطّر. كيف يكون ذلك الشعور حبيس القلب دون أن تعلم بأنك تكن كل هذا القدر تجاه موطنك؟ ومع كل سؤال، أجد بأن الجواب يكمن في غفلة الشعور عن الشعور، فمن فرط شعورنا بالأمان، ننسى شعورنا بالامتنان، ومن...