رحلتي برفقة أبو غزالة





شاهدت حلقتيّ طلال أبو غزالة عبر برنامج من الصفر، فكانت تلك الحلقتين كفيلم درامي لم أستوعبه من اللحظة الأولى، وحكاية كفاح أجبرتني أن أعيد المقاطع للتركيز في الجمل التي يسردها طلال بأريحية لكنها تحمل دروساً ثقيلة لجيل قادم.

طلال أبو غزالة، الطفل الفلسطيني، الذي غادر يافا ليس مهاجراً بل فارّا، دون أن يحمل معه أيّ شيء سوى حب يافا في قلبه وتساؤلات الحياة المجهولة في عقله. لتبدأ حكايته من الصفر حرفيّاً ومعنويّاً ومادّيًّا. لن أحكي حكاية أبو غزالة هنا، بل سأحكي حكايتي معها. فلطالما نظرت للمهاجرين أو النازحين إجباراً من فلسطين بنظرة الضعف والانكسار، لم أكن أدرك أن الكثير منهم كطلال، باستطاعتهم أن يخلقوا من فتات الضعف، قمم الجبال. نحن المرفهون لا ندرك معنى أن تستيقظ تحت سقف منزلك صباحاً ثم تبيت فجأة في قارب نحو اللاشيء في المساء! وكيف يمكنك أن تلملم شظايا إيمانك وعزمك الذي اصطدم بنكبة كبرى لم تمهلك لاستيعابها، إلا بعد أن تركت كل شيء خلفك. في هذه اللحظة، يمكنني القول بأنها لحظة العجز، فنحن نستسلم للنكبات بمجرد إحاطتها بنا، فكيف بإبادتها لنا وسحقنا على أرصفة الهزيمة. وبما أن الاستسلام للمعاناة والهزيمة لم تكن قاعدة ثابتة، تصرف أبو غزالة معها بمعنى مختلف تماما، فلم يكن يراها معاناة من الأصل، بل كان يراها شيئاً لم يخطر ببالي، كان يراها "نعمة"!



النعمة في نظر أبو غزالة تلك المعاناة التي تجبرك على الغرق حتى تتعلم الدفع بكل قوتك إلى السطح، تلك المعاناة التي تجعلك تمشي تحت المطر شتاءًا في وسط الجليد والأمطار سفراً إلى المدرسة، لتجلس على مقعدك في الصف مبلّلاً، فتتفوق على مستوى المدينة، لتك المعاناة التي تجعلك تجتاز معايير المناصب والدراسات العليا بجدارة بفضل عملك في الدكاكين والحسابات على الأوراق والترجمة بصحبة القواميس. تلك هي المعاناة التي غمرت أبو غزالة بالنعم!

إن تلك الحلقتين أتت في توقيت مبهر بالنسبة لي، فحين تبدأ بخوض رحلة جديدة في حياتك، تكون بحاجة إلى أشخاص ملهمين حملوا في قلبهم رسالة وفي ذهنهم دلالة، قبل سلوكهم تلك الرحلة ، وذلك لأن الرسالة والعزم على ترك الراحة إنما هما مقودك الذي لن يتوقف طيلة رحلتك إلى ذاتك وإلى نجاحاتك مهما بلغت. سعيدة جداً بذلك الإلهام الذي غمرني بفضل طلال أبو غزالة أثناء رحلتي مع ذاتي والذي أتمنى أن يغمركم. أترككم مع الحلقتين وبعض مقولاته التي قيّدتها أثناء مشاهدتها.

·         الأمانة أحسن طريق للرزق.

·         أصريت أن أدرس لكي أتفوق، لكن على عدوّي.
·         هناك ما هو أقوى من التأكد والثقة، إنه الاضطرار.
·         أرى أن معاناتي نعمة، والتي اضطرتني أن أكون الأوّل تفوّقًا على مستوى لبنان للحصول على منحة الجامعة.
·         كانت السعادة تغمر أهلي، ليس لأنهم يأكلون ما أوفره لهم، بل لأنني أحرم نفسي لأطعمهم.
·         سلاح المحبة أقوى من كل الأسلحة الفتاكة!
·         أن تكون محبوباً أهم من أن تكون عظيماً.
·         التعب هو الطريق إلى الراحة، فمن يتعب في نهاره، يرتاح في ليله.
·         الراحة التامة مضرة بالصحة.
·         النجاح لا يأتي بتقليدك للآخرين الناجحين، من يقلد الآخرين في نجاحهم يكن متأخرًا في نجاحه كونه يلحق من سبقه. يجب أن تفكر كيف تتفوق على من سبقك من الناجحين في مشروعك الجديد.
·         إذا أردت تحقيق شيء عظيم في الحياة، فلابد أن يكون لديك رسالة.
·         أن تتبنى رسالة في حياتك، فهذا يعني أنك دائمًا في عملية تفوق مستمر، فالرسالة لا تنتهي.
·         الصعود نحو النجاح صعب، لكن المحافظة على النجاح أصعب.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

حياة الركض لا تشبهني