ماني والمانوية
رواية
تضرب جذورها في عقد الخمسينات، ما بين بلاد مابين النهرين عبوراً بالهند وثم بلاد
فارس، تحكي حكاية الرجل البابليّ "ماني" الذي كان يهيم في الأرض سعياً لنشر عقيدة
المانوية الداعية لمساواة جميع الأديان وتوحيد سائر الخلائق، بينما تعج الشعوب من
حول ماني بالصراعات العرقية والقتال من أجل العروش والحروب الطاحنة بين الساسانيين
وروما. فعاصر المؤيدين والمعارضين والأعداء والأولياء واستقر في بلاط الملوك وجدران السجون. بالنسبة لي، كانت الرواية غزيرة المفردات الأدبية الجديدة، ذات سرد مترامي
الأطراف، يأخذك لتفاصيل مفعمة بالشعور والصورة، سريع التنقل وبشكل انسيابي في الأحداث حيث تعيش قصة ماني من قبل ولادته حتى بات شيخاً وكهلا في صفحات لا تتعدى الثلاثمئة
صفحة، فأجدها بلاغة مبهرة، وأسلوب فني رائع.
حكاية
ماني لم تلهمني كثيراً، لكنها أضافت لي الكثير من جانب الثقافة الجغرافية
والتاريخية، إلى جانب إيصال رسالة الإيمان بالمبدأ والإصرار على تثبيت ركائزه مهما
كان سوء المحيط الذي يغشانا. تمتاز الرواية بالتشويق والركود المتوازيين بطريقة
جميلة، والحوارات التي تخلق في ذهنك ألف سؤال، كما تلهمك بقراءة المزيد عن أصول
المدن ومواقعها ومسمياتها منذ تلك الحقبة وحتى اليوم. أنتقد فيها التعدي على الذات
الإلهية واستباق الأحداث باتخاذ أسلوب الإخبار بما سوف يحدث مما أدى إلى إضعاف
جانب التشويق، وإبراز شخصيات ثم إهمالها بشكل كلي، كما كانت الحكاية مبهمة المعالم حتى قرابة منتصف الرواية.
لقد
خط قلمي الكثير من الجمل الملهمة في صفحات تلك الرواية، وهنا شيء يسير من زخم
الاقتباسات:
· بفقدان بعض الحَيَوات سوف تُنقَذ أخرى أكثر عددًا بكثير منها.· وسوف تجد نفسك وأنت تقتل من تحب، من غير أن تكون قد تمنيت قط ذلك، ثم تبكيني بدموع مُخلِصة.· لقد انتظرنا طويلاً جدًّا من أجل قليل جدًّا من الأمر.· هذا السكون! ما من شيء يقلقني مثل هذا السكون. إنه سكون ظلام وغضب لا حدّ له.· لا تنخدع، لا يكن لك هم سوى رسالتك في كلّ يوم.
تعليقات
إرسال تعليق