نشوة العلاقات
ما هي
العلاقات؟ هل هي العلاقات التي اخترنا عقدها، أم تلك التي اختارتنا، كيف لها أن
تكون ناجحة و مفعمة بالحياة، و كيف لها أن تكون هائمة على وجهها و مشوبة بالموت، كيف
لتلك العلاقات أن تحيا بنا، لا أن نحيا بها؟ إن التساؤلات حول تلك الأفكار ستوردنا
لتساؤلات أكثر .. سوف تفضي بنا إلى دراسة أنفسنا ولومها أحياناً و التحقيق معها
فيما يجب علينا فعله و ما لا يجب ضمن تلك العلاقات، سوف تكون كالدرس الصارم الذي
نتلقاه و نبدأ بحساب درجات تفوقنا فيه في كل موقف و حوار و اعتراف مع الطرف الآخر
في علاقة ما.. فقط في سبيل أن تكون جيدة، أن تكون كما يجب، أن تكون تلك العلاقة
قائمة و مستمرة، و إن قامات و اتكأت على رتابة الشعور، و رتابة الأيام، و رتابة
الحياة، و موت النشوة.
العلاقات
لم تكن دائماً مشروعاً يتم التخطيط له، أو استثماراً ينبغي أن لا يخسر، العلاقات
أكبر بكثير، العلاقات سرٌ مثير.. قد يبتدئ بالكره و التعجب و الصمت، و ينتهي بنا
إلى الألفة و المودة و الارتباط. يمكننا أن نرى ذلك جلياً في صداقات طفولتنا
العتيقة، و التي قد تكون بداية بعضها شعلة من الغيرة، أو تشابهاً في مشاعر الصمت و
الخوف من الحديث، أو المراقبة البعيدة و النظرات المريبة، لنبدأ بهذه المشاعر أقوى
صداقات الدهر، و أحكمها تشبثاُ بالوفاء و الحب و الإخلاص و الدعم الذي يكبر معنا
طيلة السنوات.
كذلك
هي العلاقات الأخرى بعد النضج، قد تكون مؤشراتها الوليدة عكس نهاياتها الفريدة، قد
تبتدئ بعلامة استفهام كبيرة و تنتهي بكتاب مفتوح، قد تبتدئ بصمت مطرق، و تنتهي
بفضفضة صادقة، قد تبتدئ بمنفى قاسٍ و تنتهي بملجأ دائم، نجاح العلاقات يكون حين
تشعر بأنك تحيا بشكل حقيقيّ كل يوم تحت سقف ذلك الارتباط، حين تشعر بأن الارتباط
بشخص ما لا يقتصر على قياس مدى ملائمته لك، بل على مدى ملائمتك له، حين تكون
العلاقة أكبر من المواساة أثناء الحزن و أكبر من الصمت أثناء الغضب، بل حين تشعر
بأن الطرف الآخر يستحق أن تجعله يضحك كثيراً حين يبدو سعيداً، و يشعر هو كذلك بأنك
بحاجة إلى أن تبكي بصدق حين تكون حزيناً، لا مكان للمراوغة بينكما في كثير من
الأوقات، لا مكان للصمت الطويل ، للاستفهامات المخيفة، للرتابة القاتلة، لا مكان
للمثالية المرصّعة، أو لأنانية أحدكما على الآخر، ، إن نشوة العلاقات تتحقق
بانتفاء الأنانية، و المشاعر المنسيّة، و الأحزان المتكدسة، و الأحاديث المتراكمة،
نشوة العلاقات تختبئ بالتحديد خلف معاني الائتلاف و التناغم و الرغبة في الدعم
المتواصل و هدم التباعد و الفواصل.
تعليقات
إرسال تعليق