على حائط عامٍ مضى




هاهي سنة 1438 الهجرية تنصرم، و أقف بكل تأمّلي عند حائطها العريض،لأسطر أقدارها كي لا أنسى أنني كنت هنا حين أصيبت أرض الأمنيات بالقحط و حين هطلت التحديات بغزارة و حين وجدتني كبذرة قد علقت بين تشققات سبيل الحياة.

 هذا العام كان مختلفاً حين بدأ حيث انتهيت أو بالأصح حيث كنت متوقفة أجهل وجهتي و سبيلي.. حين بدأ هذا العام و أنا بحاجة لدليلي و أشخاص قريبين لقلبي.. بالمقابل كانوا يحزمون أمتعتهم لينطلقوا هم إلى وجهتهم، فكانت تجربة قاسية محزنة تنهش قلبي بشفرة الوحدة و الاحتياج، إلا أنها في ذات الوقت أكبر دليل على لطف ربي حبيبي. ثم كان لبابٍ مفتوح أحقية اقترابه مني قبل اقترابي منه و هو يشير إلى وجهة ربما تكون تجربتي الجديدة بعد التوقف، ربما تكون النشوة بعد السبات و ربما تكون الوجه الآخر لتجربة سابقة، ألا وهي فرصة القبول في الدراسات العليا في ذات كليتي التي غادرتها خريجة بعد تجربة صعبة و نضال كبير كونها تتطلب الكثير من الجهد، فكانت الحيرة تحتل الجزء الأكبر أمام ذاك الباب الذي شرّع ردفتيه لي، خضتها رغم الوحدة، رغم كل شيء كان يرن في ذهني بأنني لا أستطيع فوجدتني أستطيع، وجدت القلم و الكرّاسة يحبانني، وجدت أناساً مختلفين يشاركوني محبة كراساتهم و أقلامهم،وجدت اختلافاً كبير حين شرعت بالدراسة دون أشخاص قد اعتدت قربهم، عرفت نفسي بهذا الظرف أكثر و تغيرت أكثر و كان كل شيء مختلف.

حينها انتشيت واستيقظ شغفي لتفاصيل صغيرة كانت من حولي، كان الشوق يراودني للعودة إلى تفاصيلي بعد جهد الدراسة الشاق، و حقاً قد عدت في أوقات إجازتي لكتبي،لهواياتي،و لهوايات جديدة لم أعهد تجربتها. ربما بدت تلك التفاصيل معاتبة لي كوني قد هجرتها حينما كنت أبحث عني، حينما كنت أبحث عما يجعلني إنساناً مشغولاً يشتاق لأوقات فراغة كي يمارسها.

في نهاية هذ العام، أهداني الله تجربة مختلفة كانت أشبه بالاختيار و الاختبار، بالبحث عن الاستقرار وسط التيار، فكنت في صلاة دائمة لأجدني فجأة على ضفة اللاشيء وبأنه قد انتهى كل شيء .. عن تلك التجربة، لأتفكر بسر مباغتة تلك التجربة لي و حرصي على نيلها و لكنها و مع كل ذلك تنساب من بين أطراف كفي كقطرات الماء، لأدرك بأنني لم أجرب تذوق عذوبة تلك القطرات.. فلربما بدت عكرة.. أو ذات ملح أجاج.. أو سماً يقتلني، فالخير كل الخير حين رأيت كفي قد جفت لأرفعها شكراً لله كما امتدت.. ذات يوم لتطلبه بحوزة تلك التجربة.
 1438كان عاماً حاسماً..
  • ·         تعلمت فيه بأن الأشخاص القريبين من القلب يبقون بطبيعتهم البشرية رغم محبتهم لك و محبتك لهم, البعد يجبرهم على الترحال و لكن ذلك لا يعني بأنهم لا يريدون قربك.. فاستمر.
  • ·         تعلمت في هذا العام أنك تستطيع خوض تجربة صعبة قد خضتها سابقاً .. و لكن بروح مختلفة و أشخاص مختلفين.. لتكون أجمل.
  • ·         تعلمت في هذا العام بأن التفاصيل الصغيرة تحبنا أكثر مما نحبها.. فهي تنتهز عودتنا في كل مرة لنشاركها أوقاتنا.
  • ·         تعلمت أخيراً أن التجارب و الفرص ليست كلها نتاج حرص و سعي.. بل أرزاق تتطلب الكثير من الوعي .. بخيريتها.


أخيراً، أشكر الله على أقداره ، على هباته و عطاياه و على نعمائه و إن كانت على هيئة فقد و صعاب و تيه، فهو يعلم بأنك لا تعلم، ليسوقك إلى الطريق كي تدرك النهاية و الحكمة بعد أن تخوض كل تلك المشاعر، تمنياتي لي و لكم بسنة جديدة مباركة، مليئة بالشجاعة و المغامرة و الإيمان التام.. بأن كل شيء من الله وبأنك على ما يرام.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المرأة من منظور "زمّليني"

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

مواليد التسعينات | بين القناعات والتحديات