رماد و فسيلة






أحداث اليوم باسودادها و دمويّة أشباحها تنتشل من أذهاننا صورة بياض الحياة و شفافيتها , صورة الأحلام الزهرية ببساطتها , و صورة الطفولة بعفويتها .. لأجدني بعيدة عن الرغبة في السعي لإضافة البياض في هذا العالم , لا شيء يدعوني للرغبة في ذلك حينما يحيط بنا هذا الكم من الأخبار و الصور و الدمار و البكاء , لا شيء يدعوني للرغبة حينما أجدني أفتح التلفاز لأرى الجوعى يصطرخون و في كفي كعكة الآيس كريم المفضلة , لا شيء يدعوني للرغبة في السعي لأكون في العالم فرحًا يُذكَر .. أو نسمة ضحكات تعبر .. أو حتى غصنًا أخضر , هنا ذكرت الغصن فجأة.. فعبرني حديث رسولي الكريم صلى الله عليه و سلّم و الفسيلة , عبرني في وقته المناسب , حين اكتظ العالم بالتربة المختلطة بالرماد , حين شكت الفسائل هل من عباد ؟ ليغرسوها وسط التراب و الله يسقيها, عبرني ذلك الحديث :

"إنْ قامَتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكمْ فَسِيلةٌ ، فإنِ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يَغرِسَها فلْيغرِسْهَا "
المصدر : صحيح الجامع

كلمات عظيمات تتكسر أمامها كلماتنا الواهنة .. المنحنية بيأس.. كلمات تشفي الصدر و تجدد نبض القلب.. و تحذ الهمة و كأنها وُلِدَت للتو بكامل صحتها !

هذه الكلمات النّيّرات بددت كل ما دار في خلدي من أسطر في الأعلى , بددت حزني و خوفي و حزن هذا العالم بأسره.. جعلت مني طيرًا رفرف بعد جرحٍ أقعده , فحلّق في سماء الأمل الواسعة , (فإنِ استطاعَ ) هنا بالتحديد يأمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن نبذل حتى الرمق الأخير , بأن نبذل حتى في خضم الفزع و الخوف و البكاء , بأن نسعى لأن نجعل الكون أخضرًا و إن شارف على الانهيار..


تعليقات

  1. يالله يابشرى!
    نفس التفكير نفس الهواجس ونفس النتيجة !
    هالحديث هو داعمي هالفترة واهتمامي بالزرع زاد
    تدوينة جميلة ❤❤💘

    ردحذف
  2. دعاء

    أدعو الله أن يجعلك متفائلة و مرتاحة طيلة عمرك
    أشكر لك كلماتك و مرورك الجميل الذي أسعدني 3> =)

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة