......





ربما لم تصبح الدنيا كما كنت أراها في الصغر , واضحة بسيطة , كلٌّ منا يرسم طريقه طبيبًا أو معلّمًا أو ساعيَ بريد , لم تصبح الدنيا بهذه البساطة , غدت عميقة غامضة , تكنّ لك فوق ما تكن لها , و تخبئ عنك أكثر مما تبدي لها من سعي و خارطة مسير, الدنيا لا تعتمد على اللافتات كما تصوّرت , فمن الطبيعيّ أن تحمل الخارطة فتجد نفسك قد تهت و تشعبت بك السبل و لم تكن سوى تائه تحتاج للطبيب و المعلم و ساعي البريد.. أو أن تحمل شهادتك و تطرق باب القبول فتجد أن الباب لا يكفي لأن تطرقه بل عليك البحث عن المفتاح للقفل المناسب بل و ربما للأقفال المتدلية الكثيرة و المحيّرة , غدت الدنيا أصعب مما ظننت في حين صغري , غدت عميقة , و واسعة , تطلب منك الكثير لكي تملأها ,لكي تصل  إلى مبتغاك فيها , لكي تكون ما تريد ليس بالطريقة التي تريد و بالبساطة التي تعتقد , بل برحلة طويلة من البحث مهما توقعت بأن الأمر واضح و لا يستدعي لذلك, فأدركت بأن الأمر ليس بالسيء بل هي كرحلة البحث و المغامرة  التي كنت أمارس لعبها كثيرًا في صغري و التي كنت أجد فيها المتعة التي تزداد بالمشقة و تسلق الجبال و الألم بعد السقوط , فلم يختلف الأمر كثيرًا غير أن هذه اللعبة التي تبدأ بالمشقة وتنتهي بالكنز الذهبي غدت واقعنا اليوم.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة