عيني الثالثة
و في ذاك المساء حين كنت أعانق أقاربي
قبل السفر .. حين كنت أحبس أدمعاً مثل المطر .. عبرني ما يشبه الطيف .. لم يكن
طيفاً ملوّناً .. بل كان طيفاً رماديّاً .. شاحباً .. حين رأيت ذلك الحطام و جريّ
الكثيرين لانتشال الضحايا التي أسلمت أرواحها لرب السماء .. حين رأيت بكاء الكبار
على الصغار .. و بكاء الصغار على الكبار ... أحسست كم هو موجعٌ ذلك الفراق .. ذلك
الوداع الذي يأخذ معه كل شيء .. سوى غصة في قعر القلب .. كم هو مؤلم أن تفقد
أحبّتك و من قاسموك الماء و الهواء .. فجأة .. و دون تمهيد .. تراهم يحلّقون إلى
البعيد .. فجأة تكون بلا ابنك .. بلا أختك .. أو أمك الرءوم .. فجأة تكون وحدك ..
دونهم جميعاً .. أدركت حينها عمق الفراق و حرارة الدمع الموجع فعلاً ..حين أتأمّل
جرحاً في ذراعي فأذكر تلك الجراح و الأتراح .. حين كنت ألتحف فراشي و ردائي ..
فأذكر من يلتحفون الرصيف و يفقدون كسرة الرغيف .. حين أقطّب حاجبيّ لفوات مرغوب ..
فأرى من يتأمّل منزله المستوي بالأرض و حطام الطّوب ..لم أكن أدرك بأن الكثير من
الرسائل تحوم من حولي في كل يوم بل أكثر .. لم تكن تلك العين الثالثة مفتوحة و
محدّقة .. و لم يكن ذلك الحجاب منزاحاً .. حينها سندرك أموراً أخرى .. و مشاعر
أخرى .. حين نرى فيما نراه ما لا يراه الآخرون .. حين نشعر بما لا يشعرون .. سنكون
أقرب ما نكون .. إلى إدراك ما يحدث لنا .. و لمن حولنا .. إنني في كل مرة ينكشف
ذلك الحجاب عن عيني الثالثة .. أتعجب منّي أكثر .. و أتراجع للخلف ..خوفاً من أن
أتعثّر .
أبددددعتي بشرى.. ماشاء الله وصف دقيق و عميق، بالفعل من تذكر مُصاب غيره يهون عليه مُصابه.. فالحمد لله على نعمة القناعة و الحمد لله أن رزقنا الله الراحة بقول "الحمد لله"
ردحذفSarah Ahmed
ردحذفسارة شكراً لكلماتك و تواجدك الذي أسعدني جداً جداً..
و الحمد لله فعلاً .. و الحمد لله عليك ~