15 أبريل – و تحقيق حُــلُــم

   


في هذا اليوم كان حفل تخرجي من البكالوريوس .. رغم أن الحفل قد أتى في المنتصف أي بعد البدء و قبل الانتهاء فلم نزل في خضم الدراسة .. و كان في مصادفة شعورنا المبهم تجاه التخرج ذاته .. إلا أنه قد كآن...لم أكن لأرسم صورةً ما عن حفل تخرجي بدقة ..إلا أنني أطلقت شعوري هكذا بشكلٍ مبهمٍ تماماً حتى حانت لحظته... كنا نصطف جميعنا بلونٍ أزرقٍ متّحد لنجلس متأملين خشبة المسرح لتكشف لنا ما خبأت .. كنا نجهل بعض فقرات الحفل و تفاصيله .. فكان وقعها أكبر على قلوبنا .. لم أتمكن من الجلوس بقرب صديقتي و بقية الرفيقات فقد كنا متناثرين حسب أحرفنا الأبجدية لكنني سرحت في الحفل وطرت..بعيداً أجل..ليس كما يظن البعض أو ظنناه نحن .. حفلُ رتيب و كلمات طويلة منمّقة برسميّة .. كان حفلاً حاضراً بقلوبنا قبل أن نحضره نحن .. بأجسادنا...

استمعت لكلمة صديقتي عنّا كخريجات وسط أجواءٍ من صمت و سمت .. وسط نورٍ باهت و صوتٍ خافت ..  ليعمّ صوت الكلمة مسامعنا جميعاً..لتبدأ بعدها أصوات أسمائنا واحدةَ تلو الأخرى فتعتلي خشبة المسرح مستلمة تهنئتها  المغلّفة بالإنجاز .. على مرأى من أمهاتنا و قريباتنا .. لحظات مختلطة منها المبهج كالتكريم .. منها المفاجئ كالرسائل الصوتية المفاجئة من أحد أقربائك و قريباتك .. منها المشجية  كعرض صور إنجازنا و مراحل دراستنا .. و منها العميق الذي يعجز وصفه .. كاحتضان أمي و البكاء معاً .. و منها  الحالمة كالإلقاء بقبعاتنا في الهواء و إطلاق البالونات مع أصواتنا الممتزجة بالفرح و الحلم و الحقيقة... كان الحفل فريداً...كان  الكثير الذي لا ينسى .. كان الجميل الذي أحاطنا حين احتضنت صديقاتي بشدة... و حين كستنا أمهاتنا أطواق الزهور .. كان المؤلم المفرح .. حين رأيت أمي خلسة .. تبكي .. و تمسح دمعة تفضح شعورها الكبير الخفيّ .. فقد كانت تعيش شعوري كانت تشاهدني صغيرة قافزة حين كنت سأدخل لروضتي للمرة الأولى .. لم تكن تراني تلك الشابة بعباءة التخرج قد أقبلت .. كانت تراني بشكل مختلف فكان الشعور مختلفاً كذلك ,,





*تم التقاط الصورة الأولى العلوية و بقية الصور  من قِبَلي و قِبَل بعض الفتيات. ( لمشاهدتها بحجمها الطبيعي قم بالضغط عليها)

لم نكن نعي أنّ احتفاءاً بإنجازٍ كبير أن يبلغ مبلغه منا بهذا العمق .. لم أكن أعي تماماً تبرير من يبكون في مثل هذه اللحظات بدقة .. لم أكن أعي أنني حين غدوت مكانهم أنني لم أستطع التبرير لنفسي كذلك... الشعور أكبر من أن نصفه .. و لكن تلك اللحظات أبت إلا أن تقع في عمقي و تجبرني على أن لا أنساها و لا أظن أن ذلك سيكون يوماً .. فقد ارتبط هذا الحفل بختام سنوات لها وزنها في حياتنا و لها الجزء الكبير من تكويننا .. فكيف تُسقَط حلقة الطوق الأخيرة .. بعد تمامه جوهرةً جوهرة .. و كيف ننسى غلاف الختام ..لأوراق حكاية .. مبهرة ؟!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة