نورة .. النـور



نورة مجرشي .. فنانة تشكيلية .. و كفيفة.. تعجبت في بادئ الأمر كيف لها أن تكون كذلك..مما دفعني للتعرف عليها أكثر .. وجدت لها حساباً في انستاقرام تقول في جملتها التعريفية فيه (لست كفيفة .. لست معاقة.. لست عاجزة.. أنا نورة حمود ، منحني الله ريشة فنان !) نورة فتاة عادية .. تعرضت لضغط نفسي بعد إصابة عينها الأولى.. و من ثم ضعف عينها الأخرى..و أخيراً العمى..لكن ذلك الضغط صنع بداخلها تحدٍّ كبير.. لتقف أمام نفسها أمام ظروفها أمام المجتمع بأكمله..لتثب أن الحياة حياة الطموح.. السعيّ..الإنجاز.. تحقيق الأحلام.. و إن كان ما كان..حين أتأمّل رسوماتها الفذة..أقول هكذا تبصر نورة...فكل لوحة من لوحاتها تحكي منظراً يتعلق بقصة في حياتها .. تتصوّرها و تجسّدها فتغدوا أعمق من مجرد الرؤية التي نرى نحن بها أحداثنا العابرة ...

تلك بعض رسوماتها..


رسمة توضح فيها نورة الدم في عينها المختلط بالماء..


رسمة لأحد المناظر الطبيعية ..


رسمة لمنظر الغروب..

لم تكتفِ بذلك...بل بعد معاناة و بحث و تلقي صفعات المجتمع القاسية..التحقت بتعليم المكفوفات الصغيرات الفن و الرسم..لتجد فيهم عميق الشعور .. و جمال المنظر.. و حلاوة الهواية..بعد أن حرموا من ذلك في المدارس العادية.. فلم يتمكن من أخذ دروس مادة الفن و الرسم... (هنا مقطع فيديو لبعض الصغيرات الكفيفات)

أحسست بإلهام نورة لي من العمق.. أغمضت عينيّ لأجرب كيف هو الشعور .. لأدرك مدى إبداعها الذي قد يتجاوز إبداع الأشخاص الطبيعين..فبدأت بالرسم مع تغطية عينيّ.. و وضع قطعة صلصال صغيرة جداً وسط الصفحة لتمييز المركز..كان الشعور مختلفاً حين بدأت..شعورُ مشجي و عميق .. يمكنكم خوض التجربة فهي لا تكلفكم الشيء الكثير من الماديات و لكنها تعطيكم الكثير الكثير من الجانب المعنوي تجاهه ذلك الشعور...


 الإعداد



النتيجة الأولى: استغرقت من وقتي 3 دقائق صوّرت فيها نورة بالثبات رغم الرياح و المعوقات و هي تتأمل الشمس و الجانب الإيجابي..


النتيجة الثانية: استغرقت مني أقل من دقيقة صوّرت فيها نورة بعين واحدة كما كانت في بداية إصابتها تنظر بعين واحدة..

لماذا تحرم هذه الفئة من الحياة..لماذا يدرسون و يرسمون مستقبلهم كالهندسة و العلوم و غيرها..ثم يكونون خلف سماعات السنترال !! لماذا تتلقى نورة و غيرها من هذه الفئة الرد القاسي بعد بحثها عن حقها وسط المجتمع : "الزمي بيتك و قولي يا الله الستر"..لماذا يشعرونهم كأنهم عبء.. و نحن أحق بالعيش و تحقيق الطموحات و الحوز على مقاعد المستقبل منهم ؟! لماذا ؟!! أليسوا أناساً قادرين..هاهم يثبتون لنا ذلك بكل ما أوتوا .. أليسوا أناساً عاقلين..أذكياء.. جادّين في طموحهم و أهدافهم..؟! لا يمكننا إنكار ذلك .. بل على العكس من واجبنا تجاه المحبَط منهم أن ننهضه للحياة ليكمل المسير...فكيف بذوي العزيمة و التفاؤل ؟؟ ستظل نورة و من يشابهها الجواب لكل تلك الأسئلة..سيظلون المعنى الصادق الذي يخرس كل تلك الكلمات الواهية بأنهم ضعفاء...سيظلون الواقع الحقيقي عن تلك الفئة ..و ليس ذلك الهراء الذي يتصوّره المحبِطون...ستظل نورة نوراً يجدر بنا نحن أن نبصر به...!

تعليقات

  1. كتب الله لك أجر هذه البادرة ..
    ولعل أصداءها امتدت كما شاهدتي من خربشات :)
    وبارك الله في نورة وعافاها وكل مبتلى المسلمين

    ردحذف
  2. أمجآد الدعوة
    أجل D: سعيدة بتلك البادرة علّي أوصلت لها جزءاً من شعور الفخر بها..

    آمين يا رب العالمين..و كتب لك الاجر كذلك عزيزتي

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة