من هم السعداء ؟

  


قبل يومين كنت في مقر تحكيم مسابقة الأمير محمد بن فهد بن جلوي للقرآن و السنة و الخطابة .. كنت متواجدة كطيف عابر لم أكن أنوي المشاركة.. لكن كل شيء هناك هو الذي شاركني..ربما بعفل الزحام في الفترة الماضية أو ربما بفعل انقطاعي عن هذا المحيط المفعم بالهدوء..كان الوقع مختلفاً.. كنت صامتة أتأمل الفتيات المبتسمات.. و القلوب البيضاء .. و الكتب في أيديهن يراجعن قبل التحكيم.. كنت أتأمل السكينة التي تطوف في كل زاوية .. و الطمأنينة المنبثقة مع كل حديث.. جلست على مقعدٍ جانبيّ لأبصر طفلة صغيرة قد يتجاوز عمرها السنتين..جميلة و ناعمة و تعلب بهدوء بعلبة ماء..مررت إصبعي على خدها و ابتسمت لها..رمقتني ببراءة.. فابتسمت لها أيضاً... مرت من أمامي والدتها رمقتني و ابتسمت لي فبادلتها الابتسامة.. و بعد وقت قصير مرت بقربي امرأة و قالت باسمة : وفقك الله.. لألتفت إليها فأجدها ذات المرأة برفقة ابنتها الجميلة... قلت لها شكراً... ثم صمت لوهلة لأعيد المشهد.. هل حادثتها قبل قليل..فتذكرت أنني لم أفعل .. قد كانت مجرد ابتسامات عابرة لكن الأرواح تحادثت.. شعرت بسعادة غامرة حين خالطت هذه الأرواح و هذا الجو بأكمله.. خرجت و لم أطل.. لأعود و بداخي كلمات كثيرة تود البوح عن شعوري... عن السعادة..

يا ترى من هم السعداء؟ من هم المنعّمون في هذه الدنيا.. من همُ المحلّقون في سماء بعيدة عن الضجيج الذي نغرق فيه.. لم أجد جواباً غير أنهم هؤلاء.. من رأيتهم في هذا المساء.. و من يشابهونهم في كل مكان.. الذين يعيشون بسلام..لأنهم يؤمنون بأن السلام كله بالقرب من الله..فهو السلام.. و منه السلام...سلام و أمان و هدوء حقيقي..يحيط حياتهم و روحهم و ملامحهم..جمال يغشاهم و سكينة تحتضنهم.. لن تصدق أي شخص .. حين يقول لك أن الحياة هكذا مكتظة و خالية من السلام مهما يكن...لأنك أن سرت نحو هذه الأماكن و الزوايا المضيئة..سوف تعقل أن هناك من يعيش بسلام في هذه الدنيا ذاتها..التي نعيشها نحن..

السعداء باختصار.. هم من يطلبون السعادة من مصدرها الأصل.. من منبعها الأصل.. لا من مظاهرها و أغلفتها.. يتشبثون بأسبابها التي تأخذ بهم نحوها .. و لا يغيب عن أحدٍ منا..مصدر السعادة الأصل.. يمكننا تأمل المسافة بيننا وبينه...حينها سندرك من هم السعداء..


تعليقات

  1. إسأليني عن رحاب أهل القرآن ..
    وجنانهم التي يحلقون فيها بالدنيا قبل الآخرة ..
    لامست كثيرا من عظيم روحانيتهم ..
    وآمنت آخرا أن لا سعيد مثلهم ..
    رغم ما يعانون كما يعاني كل إنسان في هذه الدنيا ..
    إلا أنهم الأكثر ثباتا وابتسامة و رحابة من الناس الأخرى ..
    هنيئا لهم ولا حرمت أو حرمنا فضلهم ..

    ردحذف
  2. أمجآد الدعوة

    هنيئاً لك و هنيئاً لهم..
    اللهم آمين و غمرنا الله بنور كتابه و فيض عطائه كي نسعد جميعنا دنيا و أخرى..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة