فضفضة بلا صوت


لم أنو ِ شيء سوا فتح هذه الصفحة لفضفضة تقطن في الداخل لا أعلم مسبقاً ما هي...هذا البياض ربما يتيح لها أن تعرّف عن نفسها بأحرف قاتمة.. أشعر بأن كل شيء يحمل معه صوت ..الحدس .. الأفكار.. النويا و القلوب...البنايات .. و السماء و السحب... الكل يحمل صوتاً مختلف نبرة و طبقة...ليُحدث ضجيج قلبي...ينتزع منك أطراف الاهتمام من جهات مختلفة ترغمك على التوقف لحيرة تعتريك.. مزعج أن تصلك كل الأصوات و أن تسمعها في آن واحد... منهك أن تشعر بكل شيء حولك.. مثقل أن ينفرط انتباهك لأي شيء عابر..القلب لا يطيق ذلك.. و النفس أضعف بكثير ... و في ذات الوقت تعلم يقيناً بأن ثمة صوت... بلا صوت... هو صوت داخلك .. لأنه لا يُسمع.. لأنه أنت...حين تخلو و تبكي طويلاً أنت لا تسمع صوتك حقاً...بل تشعر بصوتك مباشرة يصعد للسماء ليسمعه من لا يخفى عليه صوت أبداً...أنت في هذه اللحظة تتحدث و حسب... كل تلك الأصوات المتداخلة حولك تتلاشى حين يبدأ الحديث القلبي في آخر الزواية الخالية...
الشارع مزدحم .. الناس كُثُر .. و النوايا متوشحة بثياب غريبة...أين هؤلاء الذين يُسقطون ثيابهم ؟ و هم موقنون بأن نواياهم لا تحتاج إلى ثياب لصدقها....أين هؤلاء الذين يلقون بالترف جانباً من أجل قطرة دم...أين هؤلاء الذين يقولون لا... أمام السيوف..أين من يشعون نوراً كبير...دون شمس..دائماً يكون حديثي القلبي كذلك...يتساءل و لا أجيب...يهذي..حتى أخلد للنوم أو للحياة متجاهلة كل شيء...منغمسة مرة أخرى في تلك الأصوات و الشوارع..ألا تستحق منا تلك الأسئلة أن نقف...أن نعود أدراجنا للزاوية الخالية...ألا يستحق الأمر أن نرسل رسائلنا عالياً...و أسئلتنا ..بأننا من أؤلئك أم لا؟ أم سنكون..أم لن نكون.... الزوايا الخالية كثيرة...و الناس قد تكدست وسط الشارع...غير آبهة...متجاهلة..أبواب السماء المفتحة...و النور الساقط على تلك الزوايا ...النور الذي يلتقط الحديث من هناك ليعود به من حيث أتى...لمَ لا نجيب.. لمَ لا نحدد أين نقف بالضبط...لمَ نجعل الزحام يجرفنا دون قرار... أو استقرار...لم لا ننهي كل هذه الضجة الواهية...لمَ ننتظر أن يجيب عنا أحد.. أو أن تنبثق معجزة من السماء....لمَ؟ الكل ينتظر وسط الشارع..الكل يهذي ليسرق اهتمامك بالزاوية و يرمي به بعيداً..و تتكفل أنت بالبحث مجدداً عنه بين الأزقة و المتاجر و الأضواء المتدليّة....لمَ لا نقبض على اهتمامنا كي لا يضيع... لمَ لا نضع الأبواب و الأسوار حول زوايانا المخلصة..لمَ لا نحيا جيّداً .. فالأصوات لن تصمت من أجلنا.. ولن تمهلنا .. و لن تأبه بأسئلتنا....لمَ لا نقول ببساطة وفي وسط الشارع :الحديث القلبي يباغتني.. و السماء قد شرّعت أبوابها... إلى اللقاء.

تعليقات

  1. هـــــــــــــــه كتنهيدة طويلة أخيرة ..
    بعض الفضفضة راحة وسماع صوت أخير يخبرنا بأن كل شيء بخير وسيكون .. استمتعت هنا

    ردحذف
  2. أنا كفاطمة

    سعيدة بحضورك جداً..
    و كما تفعلين دائماً تحكين الفتاؤل و تعبرين..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة