أتصبرون ؟



أحياناً و أحياناً كثيرة تتحدث أفكار باطننا بالشعور الذي نشعره .. تتحدث بحديث لا يطابق حديث ألسنتنا أمام الجميع...بأننا ممتلئين جداً .. و نحن فارغين حقاً ... تحيط بنا الأفكار و تلتهمنا الحيرة لمَ لا ننال ما نرغبُ بنيله ؟ نسحب أكفنا بخيبة بعد أن ممدناها ببهجة لنحوز على أشياء لطالما تمنيناها لكننا لا نراها قريبة منا.. أمانينا المعلّقة .. تفاصيلنا المكدسة في ذاكرة المستقبل ؟ لمَ لا ننال ما نرغب بنيله ؟ هذه الأفكار حكاية مؤلمة تقطن في جوفنا .. لتستيقظ بين الفينة و الأخرى و توقظ الحيرة و الحزن مجدداً .يعتريني كل ذلك لكن سرعان ما تهطل هذه الآية تقف في وجه هذه الحكاية لتختمها بـ" تمت " { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُون وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}.. الدنيا لا تُهدى لأحد كما يريد بل تُهدى له كما يريد الله,يتبعثر الحزن حيال هذه الآية و يتبدد, يتراجع العقل و يتمهل .. أفكر دائماً بأن حزني على رغباتي المعلّقة لا يساوي شيئاً إن لم أفهم ما يريده الله... ليس ثمة شيء يستحيل تحقيقه عند الله , لكنّه يريد شيئاً ربما لا نريده نحن,,يختلف الشعور حين نفهم هذه الكلمات في هذه الآية, لنصبح راغبين نحن ما يريده الله, تلك الأشياء التي نرغب بها فتنة , حين نرغب بها قد تؤذينا فعلينا أن نرغب رغبة هادئة لا تأخذنا للبعيد,لا تسرقنا,إن أتت سعدنا, وإن لم تأتي رضينا,الله يريد حماية قلوبنا كي لا تنجرف,يريد حماية أعيننا كي لا تبكي كثيراً على أمانينا المحلقة بعيداً و على رغباتنا المهرولة في الطريق المعاكس لنا..الله يريد حماية صدورنا و غلق أبوابها لكي لا تتسلل الكآبة إليها و تقطن فيها, { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً } الغنيّ فتنة للفقير, و القوي فتنة للضعيف, و الممتلئين فتنة للخاوين , كلٌ يتمنى ما لدى الآخر ولكن ليست المسألة في تحقق الأمنية و القدرة عليها فهذا لا جدال فيه بشأن الله القادر ولكن ..{أَتَصْبِرُونَ}, هذا ما يريده الله الحرمان ليس من أجل إحزاننا الحرمان لأجل اختبارنا لأن الله  يعلم حجم الألم و جم الرغبة و حجم الفرح و حجم الرهبة {وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} لكنّه يريد حمايتنا و اختبارنا .. نحن نتفاوت في هذا الاختبار قد نبكي حزناً لأجل رغباتنا و قد نبكي صبراً لربنا ,, ويبقى السؤال هل سنصبر و نوقف حزن الحكايات  و هل سنبصر ما وراء الأمنيات ؟؟

تعليقات

  1. أفكر دائماً بأن حزني على رغباتي المعلّقة لا يساوي شيئاً إن لم أفهم ما يريده الله - بشرى

    بارك الله فيك وفي قلمك الشافي
    مهما وصفت شعوري الملتئم من كثير جروحي أمام هذا المقال ، فلن أنتهي ..

    صادق جدا وعميق المعاني

    لاتحرمينا من جميل هذه التأملات دائما

    ردحذف
  2. أمجآد الدعوة

    أقف هنا مبتهجة و شاكرة لله ثم لكـ
    حين تبوحين لي بذلك
    فأكون كالذي يحيك معطفاً فيروق للآخرين و يشعرهم بالدفء..

    يسعدني هذا حدّ الإبتسآمة =)
    و فيك باركـ و في قربك يآ رب,





    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المرأة من منظور "زمّليني"

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

مواليد التسعينات | بين القناعات والتحديات