إنصــات


من خلف جدار الشاشات و الأنوار و الأصوات الممتزجة سمعت حديثاً ... لم يكن إلا الشقيري يتحدث إلى قلبه.. ولم يكن مني إلا إنصات حتى التتمة ,

قلبي....اسمع منى هذا الكلام بصدر رحب فوالله لا أقوله إلا لمحبتي لك...ولا أقوله إلا وأنا أعلم أنك أنت سر سعادتي وسر تعاستي....أنت سر صلاحي وسر فسادي....أنت سر قربي من الله وسر بعدي...فاسمع مني عسى أن ينفعني وينفعك هذا الكلام.

والله لقد أتعبتني بكثرة تقلبك....يوم أراك تسرح مع الملائكة في روحانية وصفاء في أعلى عليين...ويوم أراك تسرح مع الشياطين في فجور وشقاء في أسفل سافلين....

قلبي....أعلم أني أذنبت كثيرا وأن كل ذنب نكت نكتة سوداء فيك كانت سببا في غفلتك....ولكن ألا من طريق لمحو هذا السواد ؟......تقول لي تب إلى الله...أقول لك ، تبت ثم تبت ثم تبت...ولكن ما زال للذنب أثر فيك لا يريد أن يزول....ما زال للماضي حيز بداخلك لا يريد أن يرحل....فما هو الحل...كيف لي أن أطرد منك آثار كل ذنب أليم وكل ماض مظلم ؟؟

قلبي....مالك تنظر إلى الدنيا في كل عمل أقوم به ؟؟..لا أكاد أقوم بعمل إلا ولمتاع الدنيا حظ فيه حتى بت أشك أني عملت عملا خالصا لوجه الله قط منذ أن خلقت !!...أنقذني...ألا تعلم أن الرياء وحب الدنيا أسباب لجعل كل حسناتي هباء منثورا ؟؟؟...

قلبي...أهلكتني بكثرة نظرك إلى المخلوقات وغفلتك عن الخالق....ألا تهديني عملا واحدا فقط تكون فيه متجها لله وحده..ا عمل واحد فقط لا يهمك فيه مخلوق...لا يهمك ثناء أحد....ولكن فقط تنظر فيه إلى الله وحده ؟؟...والله إن لم تجبني لهذا الطلب لأهلكن أنا وأنت في يوم لا ينظر الله فيه إلى أشكالنا ولا إلى أعمالنا ولكن إلى القلوب التي وراء تلك الأعمال....سينظر إليك يا قلبي فيرى أن وراء كل عمل عملته مصلحة دنيوية....فوالله إن ذلك لهو الشقاء الأبدي ينتظرنا إن لم نعقد صلحا نصلح فيه هذا الوضع المعوج...

قلبي...أحلم أن أطرد الدنيا منك...ولكن كيف وقد ملأت كل جوانبك وأركانك....كيف والدنيا ومتاعها أصبحت غذاؤك وشرابك.....كيف لي أن أطرد الدنيا منك ؟؟؟دلني فقد ضللت الطريق وما عدت أعرف طعما لشيء...دلني فقد افتقدت إلى لحظات تكون فيها يا قلبي خاليا إلا من الله !!...دلني فقد أرهقتني الدنيا وأرهقني الاهتمام بها....دلني فقد اشتقت إلى زيارة الله لك....

قلبي...أعدك إن أنت أخلصت لله لأذيقنك نعيما لم تنعم به قط....
قلبي...أعدك إن أنت أحببت الله ، لأرينك متعا لم تحلم بها قط...
قلبي...اعدك إن أنت أخرجت الدنيا منك ، لآتين بالدنيا راغمة تحت قدميك....
قلبي...أعدك وأعدك وأعدك....فإن لم تثق بكلامي فثق بكلام الله الذي خلقني وخلقك...ووعده الحق سبحانه...

قلبي أهديك هذا الدعاء عسى الله أن يصلح ما بيننا من جفاء...
اللهم اهد قلبي إلى حبك وحب رسولك....الله اجعل الدنيا في يدي ولا تجعلها في قلبي...اللهم استودعتك قلبي..اللهم أصلح قلبي...اللهم طهر قلبي....اللهم قوم قلبي...اللهم نق قلبي من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس...

(إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله..ألا وهي القلب)

أحمد الشقيري.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المرأة من منظور "زمّليني"

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

مواليد التسعينات | بين القناعات والتحديات