أمّهات اليُمن وآباء البَرَكَة
لا أعلم لماذا كلّما رأيت كبار السن أشعر بأنّني مرهفة الحسّ بشكل إضافي، حاضرة الدمعة والشعور، متعاطفة مع حركاتهم وسكناتهم وسرحانهم في الحياة وما كابدوه فيها. قالت لي أختي يومًا اشتقت لجدتي رحمها الله، قلت لها وأنا كذلك، جدًّا. وهنا انتبهت لجذور الشعور، فلم يعد لديّ جدّة منذ أكثر من عام، رحمها الله ورحم سائر أجدادي وأموات المسلمين. فلقد كانت جدتي الراحلة آخر أجدادي. ربما شعوري المرهف تجاه كبار السن امتد من جذور هذا الفقد، امتد ليطال كل كبير في السن حتى أبواي، وإن كانا لا يصنّفان من الكبار كثيرًا، لكنّهما كبرا، فحين وعيتُ، لاحظت ذلك. أسأل الله لهما ولكل المسلمين طيلة العمر بالعافية وحسن العمل، والرحمات لمن توفّي منهم. وجود كبار العمر يبارك العمر، يجعله أكثر سلامًا وميلًا للأمان. كما يبارك الأشياء والأوقات والمشاعر. فكم ألحظ كيف تحيط البركات أمّي حفظها الله من كل جانب. فحين تطهو أمي، وتترك القِدر جانبًا، رغم اضطرام الفرن، ينتظر القِدر أمي، ويتمهل الطعام في النضج حتى تعود، على مهلها ورسلها. تعجن أمّي الفطائر، تعد الحساء، تحمّر أفخاذ الدجاج المتبّلة، على مهل، بكل س...