المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠٢٠

قراءة في شخصيّة جين إير: الوداعة الجامحة

صورة
في ليالي الشتاء القريبة التي مضت كنت أقضي وقت قراءتي في رواية جين إير لشارلوت برونتي بترجمة مذهلة من دار الحرف العربي. تلك الرواية التي أجلتها خصّيصًا لساعات الليالي الطويلة، وكان اختياري موفّقًا حيث حملت تلك الحكاية تفاصيل برد الشتاء وأحاديث المدفئة ورجفة العواطف، فانصبّت أحداثها متناسقة مع الموسم ومعي شخصيًّا. فلطالما توقّفت عن القراءة لأشيد بانجذابي وإعجابي وأحياناً شجوني بدمعات صادقة بفعل النصوص وكيف لها أن تصف شخصيّة جين إير وتفاصيل المكان والزمان والناس بدقّة عالية أشبه ما تكون بمشهد كلاسيكي سينمائي من الطراز الرفيع. ما دفعني للكتابة هنا بالتحديد ليس الرواية، بل شخصية جين إير ذاتها. فبالرغم من نشأة جين إير في بيئة منغلقة وقاسية إلا أنّها امتلكت في عقلها آفاقاً واسعة من التأمّل والحكمة والحدس نافذ البصيرة والعاطفة الهادئة والصرامة الجامحة. وجدت في شخصيّتها بعض الجوانب المطابقة لشخصيّتي، وعجبت من بعض النصوص التي وجدتني بين سطورها حين تصف النظرة المحايدة للحياة والأشخاص والمشاعر، حتى وإن لم يعش القارئ نفس ظروف بطل الرواية، إلا أنه في الحقيقة قد يتصادف معه في ذات الفلسفة ا...

كيف

صورة
كيف لتلك المصابيح أن تغدو عتمةً في لحظة خاطفة، كيف للحزن أن يلج من مولج البهجة الذي اعتدته، وأن يتربع اليأس والخواء في مستقر الشغف والعطاء، كيف لذلك كله أن يهبط على روحي الساكنة كما العاصفة التي لا ترحم سنابل فؤادي المتطايرة، والتي أخذتُ أجدّ في غرسها مواسم طويلة، سقيتها من غيث الفؤاد وصدق البذل ونشوة الإخلاص. كيف لكل ذلك أن يحدث كشيء يستحيل حدوثه، وكيف لكل ذلك أن يُهدم في مشهد مسرحيّ هزليّ يدعو للبكاء. ذلك البكاء الذي أخذ ينهش الروح بانتهاء تلك المسرحية الصاخبة، والذي أحال حقل الروح أرض مقفرة تعج بصفير الهواجس، فعينايَ لا تحتملان البكاء الغزير، وشفتاي لا تطيق الصمت الطويل، الذي يحيلها كنبعٍ صافٍ قد ردمته تراكمات رمال الكتمان على مرّ السكون، وقلبي النابض بالحياة لا يمكنه استيعاب الألم، ذلك الألم الذي يحدث حين يُؤذى القلب أو يظنّ القلب بأنه قد آذى أحدًا. كيف؟ وهل للــ(كيف) أن تكفّ عن التوالد في حضرة الحزن، وهل يمكن أن نتكيّف بعد كل كيف تغرس فينا شوكة من سؤال جديد؟ أم يجدر بنا أن نغدو كالجليد؟ ننزع شائكات الأسئلة المضنية من خاصرة الضمير، ونمضي كالضرير في ساحة المعركة بغية الانتصار...