المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف بين دفتين

فضائل الأمور البسيطة

صورة
في معرض الكتاب الماضي أثناء تجولي بين الدور قمت بالتوجه إلى دار تشكيل وتقليب نظري بين الكتب، لفتني كتاب بعنوان فضائل الأمور البسيطة وبمجرد أن لاحظني مسؤول المبيعات حمل الكتاب في يده وبدأ بتعريفه لي وبمحتواه الذي أثار فضولي كونه يعزز فكرة تبسيط حياتنا المعقدة ويلفت انتباهنا إلى استشعار الأمور البسيطة وفضائلها، فاقتنيته وقرأته. التدوينة ليست مراجعة للكتاب، بل مراجعة للحياة من منظور سطوره. تستعرض مؤلفة الكتاب مارينا زويلين الحياة كخلاصة لتجاربها المجتمعية والفلسفية وتطرحها بتساؤل: لماذا يرتاب البعض من good-enough life (الحياة الجيدة بالقدر الكافي) ؟ أو الحياة المعتدلة أو القائمة على الوسطية، هل لأنهم يعتقدون بأنها عبارة عن الرضا بالقليل والقناعة بأبسط الحقوق؟ وقد نفت ذلك مباشرة وأصابت في التعريف الصحيح لتلك الحياة الطيبة: "الحياة الجيدة بالقدر الكافي لا تتعلق بخفض سقف طموحاتك أو بتقديمك مجموعة من التنازلات إلى حد يحبطك، بل تتعلق باختلاف نظرتك إلى الآخرين، وإعطائك المزيد من الاهتمام لما يكمن خلف مجموعة الإنجازات اللافتة." وأظنها ترمي إلى أن الاكتفاء في هذه الحياة المعتدلة لا ي...

عن الضجر الوظيفي والحياة التي نريدها

صورة
  *ملاحظة: الطرح هنا تدوينة شخصيّة والآراء فيها لا تُعمّم، فأحوال ومستويات البشر تختلف، ومقدرتهم في المحيط الوظيفي على الاختيار والاضطرار تتفاوت، كتفاوت الوظائف نفسها في مدى حساسيّتها وأهمّيتها للفرد أو المجتمع. أؤمن دائمًا بأن الوظيفة ليست مصدر دخل فقط، بل هي إضافة للمرء في شتى جوانب الحياة الاجتماعيّة والمهنيّة والنفسيّة، وظللت محافظة على هذا المبدأ حتى تناسيته شيئًا فشيئًا دون وعي خلال مرحلة عمل استغرقت سنتين. وفي أواخر السنة الثانية بدأت تطفو على السطح مؤشرات تذكّرني بهذا المبدأ وتسفر عن كيانات تنتمي إليّ يجب انتشالها من الغرق في الأعماق لتستعيد رئتيها وتتنفس في محيط وظيفي يحقق لها معايير هذا المبدأ.  لا أعني بحديثي هذا هو العمل في محيط وظيفي يحقق لي الرفاهية النفسيّة، مطلقًا، ففلسفة العمل بحد ذاتها ترتبط بالالتزام وتنفيذ ما تمليه عليك المصلحة الإنتاجيّة، وهذا بحد ذاته أمر مرهق للنفس. لكنني أعني بأن لا تخلو مسيرتك الوظيفية من العائد النافع الذي يتجاوز عائد الدخل (هذا إن كان الدخل مرضيًا) وتحقيق المنفعة لأصحاب العمل! فمن حقك أن تتلقى عوائد أوسع ترتقي بشخصيّتك وموهبتك وطريقة...

مكتبة إثراء وقراءات جديدة

صورة
مع عودة الحياة مؤخرًا شيئًا فشيئًا لوضعها الطبيعي، تواصلت مع مركز إثراء لأستفسر عن إمكانيّة الزيارة في هذه الفترة. كان من المبهج أن الأقسام الرئيسية للمركز تزاول نشاطها بالرغم من تراجع نشاط العديد من الفعاليات المُقامة دوريًّا في المركز بحكم التباعد الاجتماعي. لكنني لم أتوقع تراجع روّاد المركز إلى هذا الحد، فحين توجهنا لإثراء صباحًا كنّا الزوّار الوحيدين في هذا المبنى الكبير، كان الشعور غريبًا في الحقيقة، ولكنني وبعد مضي القليل من الوقت لحظت بدء توافد القليل من الزوّار. بالنسبة لي، فضلت أن يكون المكان هكذا لعدم الاحتكاك بجمع من الناس فضلًا عن فرصة توفّر الهدوء الملائم لساعات الصباح التي نويت أن أقضيها في المكتبة. لكنني قبل ذلك، توجهت للمتجر لاقتناء بعض الحاجيّات الملهمة وتناول المفرحات. في الواقع، لم يكن في خلدي أي توصية عن الكتب التي أود قراءتها (بالمناسبة، مكتبة إثراء توفر الكتب لقراءتها فقط وليس شراءها). فقد كانت خطتي هي التجول في قسم الأدب العربي والتقاط الكتب الملهمة بالنسبة لي والجلوس لقراءتها. الجميل في الأمر، أن المكتبة ترفع من شهيّة تجوالك واطلاعك على الكتب بتصميمها...

الهويات القاتلة ونظرتي للهوية

صورة
قبل أيام أتممت قراءة كتاب الهويات القاتلة للروائي أمين معلوف، في الحقيقة هي المرّة الأولى التي أقرأ لأمين معلوف نمطًا كنمط هذا الكتاب، فقد اعتدت أن أقرأ رواياته التي أصنّفها إلى الآن من أقرب الروايات إلى ذائقتي من حيث السرد التاريخي والترجمة الأدبية الرفيعة واللمسة التشويقية أو الإنسانيّة (والتي لطالما عزمت على تخصيص تدوينة مستقلة عنها وعن أسلوب معلوف الإبداعي في السرد الروائي لولا إمهالي لنفسي كي أقرأ روايات أكثر له). بينما كتابه هذا الذي شدّني عنوانه لم يكن مؤلّفًا روائيًّا، بل عبارة عن طرح فكري شخصي يتناول فيه أمين معلوف موضوع الهويّة من منظوره بعد أن تعرّض للكثير من الأسئلة التي تنبش وراء ماهيّة هويّته المشتتة بين العربية اللبنانية والفرنسيّة وأطروحاته الشرقيّة والغربيّة. فاختار أن يجيب من خلال هذا الكتاب على تلك الأسئلة مدعمًا محتواه بتعريف الهويّة والحداثة وسبل تمكين العالم من العيش بتمازج بينهما في عصر العولمة من منظوره الشخصي. لقد كشف لي الكتاب عن عقليّة أمين معلوف الشخصيّة بعيدًا عن طرحه الروائي الذي كان يختبئ خلفه كفرد بعيدًا عن انتماءاته وآرائه الفردية ونظرته عن ج...