المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠٢١

تأملات قمريّة

صورة
  أحب القمر، أحب هذا المخلوق المنير المستدير، وأهوى دائمًا انتظاره وتوثيقه في الليلة الرابعة عشر من كل شهر. قبل سويعات كنت في مشوار ليلي، وكنت أسند رأسي باسترخاء على النافذة وبصري متجه نحو السماء، فأبصرت القمر، في هيئة البدر، ونوره يتفجّر بالبياض وسط حلكة السماء، تأمّلته بهدوء وأنا أعبر الشوارع وهو يعبرها معي، فأوحى إليّ بتأمّلات جميلة، أرغمتني على بعثرة حقيبتي وإخراج هاتفي وفتح صفحة الملاحظات وتقييدها كنقاط قصيرة للتدوين عنها فور العودة للمنزل، ففي الحقيقة افتقدت التدوين عن المواضيع التي تنشأ قيد اللحظة، دون تخطيط مسبق أو نيّة كتابيّة بنكهة ثقافية تتطلب التأجيل والإعداد. وها أنا أجلس الآن على مكتبي بجانب إنارتي الصفراء لأكتب تأملاتي القمريّة بعد منتصف الليل.. فلسفة الكمال: أول ما خطر ببالي وأنا أتأمل القمر هو اكتماله وتوقيت ذلك الاكتمال، فالقمر يكتمل في يوم واحد بل في ليلة واحدة فقط من ذلك اليوم من كل أيام الشهر، تفكّرت في ذلك الوقت المحدود جدًّا الذي يتاح للقمر فيه أن يتجلّى في أبهى حلّة، وبأكمل وجه، يضيء فيه بكل قدرته الجماليّة، ومن جميع اتجاهاته الضوئية، ليلة واحدة يباح فيها ال

أحلام كبيرة والدراما الخالدة

صورة
  أحلام كبيرة، العمل المؤنس لي في كثير من الأوقات والذي أعدت مشاهدته مرّات كثيرة، وفي كل مرة يكون وقع الحوار بنفس العمق وكأنني أتلقاه لأول مرة، وتأثير المعنى الحزين أو السعيد حاضرًا كأول مرة، والتأمل في وجوه الشخصيّات دقيقًا كأول مرة. هذا المسلسل الجميل من تأليف الكاتبة أمل حنا وإخراج القدير حاتم علي (رحمه الله) الذي توفي قبل فترة وجيزة مما أصابني بالحزن الممزوج بالصدمة. هذا الاسم الكبير أظنه لن يتكرر من حيث تجسيد الإنسانية والواقع ووضعهما في قالب مقنن وعفوي في ذات الوقت، فالمخرج الإنساني علي رحمه الله مرتبط لديّ بأعمال جميلة وجليلة رافقتني في فترات مختلفة من عمري وطفولتي كمسلسل الفصول الأربعة والزير سالم وربيع قرطبة، وأخيرًا أحلام كبيرة الذي أعتبره الأقرب لقلبي. تلخّص قناة شام دراما فكرة هذا المسلسل بنبذة شاملة ووصف مختصر: يروي المسلسل قصة عائلة الحلبي المكونة من أبو عمر (بسام كوسا) وأم عمر (سمر سامي) وأولادهم : عمر (باسل خياط) ، حسن (رامي حنا) ، سامي (قصي الخولي) ، رشيد (مكسيم خليل) ، يعمل الأب في التجارة مع أخيه أبو شريف (حسن عويتي) والذي كتب والده كل الأملاك باسمه مما يؤدي لحدوث مش

كبوات القوة والضعف

صورة
  أستطيع الاعتراف بعد ما مررت به في شهر ديسمبر من ظروف صعبة أنني سريعة التعرّض للضعف، بالقدر الذي أكون فيه سريعة التدارك والمحافظة على رباطة جأشي والسيطرة على مخاوفي ومقاومة الهروب من مواجهة ابتلاء ما. هذا الاعتراف جاء بعد أن شعرت بالإجهاد الجسدي والنفسي وهو يبسط نفوذه عليّ بكل سطوة التحكّم. دائمًا ما كنت أتحكّم بكل شيء يجري بي بعد مرحلة قويّة من النضج والوعي، لكن المرحلة الأخيرة أكدت لي بأننا لن نتمكّن في كل حين من القدرة على التحكّم والسيطرة سواء في فهم قوّتنا أو ضعفنا أو تسييرهما وفق تخطيطنا. أعني أنه لن يكون بوسعي في كل موقف أو تجربة أن أسمح بقوّتي أو ضعفي متى "شئت"، فقد يمتد الضعف ليسيطر عليك مرغمًا إيّاك أو منذرًا لك على الابتعاد عن المواطن التي تستنزفك، حتى وإن كنت تُستَنزَف برضاك ورغبتك، فلست أنت من يقرر ويسيطر ويتحكّم في كل مرّة وبنفس الدرجة. قلت لأحدهم قبل أيّام: عليّ أن أنتبه لضعفي، وكيف يوصلني لمرحلة شديدة من الإنهاك، فرد علي: بل عليك الانتباه لقوّتك. استوقفتني تلك الإجابة، المفارقة هنا دقيقة جدًّا، فتركيزي على قوّتي ومستوى تحمّلها هو ما سيقيني من الوصول لمرحلة