فضفضة + تفاصيل منزليّة



أحيانًا تحدث أمورُ متسارعة تجعل من الإنسان شخصًا يخوضها بذات التسارع، متعثّرًا بتساؤلاته، أو تأمّلاته التي يجدر به اتخذاها كمحطّات، يستريح عندها، ليملي على قلبه وعقله حقيقة تلك الأمور المتسارعة. هذا ما حدث معي بالضبط، فالأحداث في الفترة الماضية حملت معها أمورًا وتغيّرات كبيرة لكنّها متسارعة، ومتسارعة جدًّا، كنّا نلقي كل تغيّر من تلك التغيّرات الكبيرة خلف ظهورنا بشكل سريع لنتلقّى ما هو أكبر منه، وأعتقد بأننا نمارس ذلك فقط لأننا نؤمن بأن ثمّة ما سيحدث قريبًا، وينجلي كل شيء، ولكن حين استمر الوضع لمدّة طويلة (ربما أطول مما تصوّرنا) أو لفترة كافية لجعلنا ندرك بأن الأمر لا يُعالج بهذه السرعة ولن ينتهي بهذه السرعة، فلماذا نتعامل معه بهذه السرعة! لماذا لا نعطي لأنفسنا الوقت للشعور والاستيعاب، ومن ثم التصرّف وكيفية التأقلم. صحيح أن الأمور الاحترازيّة جرت بشكل تدريجي ولكنّ وطأة كل احتراز كان يحتاج منّا القدر الكافي من الاستيعاب، بدل أخذه مأخذ المسايرة والشيء العابر الذي سيعبر سريعًا، ثم نتفاجأ بأنّه عالقٌ في شعورنا أو ربما نحن من علق به.

عنّي، عدت بتفكيري عن كل تغيّر، كان الشعور جديدًا فعلاً مع كل تغيّر، فنحن نتحدث عن أشياء لم نعايشها قط في حياتنا باختلاف أعمارنا. لكنّني كنت أقول لنفسي تجاهها: ستمر، لا يجدر بي الاكتراث بحجم الأمر، لم أصغ جيّداً لشعوري حين سمعت صوت مؤذّن مسجدنا للمرّة الأولى في حياتي وهو يقول" صلّوا في بيوتكم"، لم أصغ جيّدًا لمشاعر قوانين الحجر التي تتزايد، لم أصغ إليّ عندما يحين وقت مشاويري الروتينيّة واجتماعاتي العائليّة وأنا وسط منزلنا، كنت أنشغل بملء وقتها بشيء بديل، لكنّني لم أمسك بشعوري الحقيقي أوّلًا، لكي أفرّغه هو قبل استبداله بشعور آخر. فالعبور الشعوري خلال هذه التغيّرات بشكل سريع يشكّل بداخلنا رغبة في التأقلم تقفز فجأة إلى رغبة في الحزن، ومن ثم تبسيط الأمور، ومن ثم التأرجح على حافّة اليأس وهكذا، فليس ثمّة قاعدة ثابته نأوي إليها مع كل حدَث فجائي خلال هذه الفترة تحيل الأمور ومشاعرنا إلى اتزانها.

وجدت الحل في التأمّل، والإجابة عن التساؤلات التي تنتابنا بطبيعة الفترة الراهنة، فمتى يجدر بنا أن نحزن أو نفرح أو نساير الأحداث ببساطة؟ وجدت بعد التأمّل والحوار مع أحبتي الإجابات اللطيفة وبأنّ الأمر كلّه ينطوي على اليقين بالله والتسليم لأمره والذي لا ينفك عن إظهار الضعف والحاجة إليه وسؤاله العافية في الرخاء والشدّة، وذلك كمبدأ للعيش بسلام وعدم الركون للثقة البشريّة الكليّة والغفلة المقيتة. فنحن كبشر أضعف من أن نحمل جلّ مصاعب الأقدار على كاهلنا، وأقوى من أن نخجل من الاعتراف بذلك. فالاعتراف بذلك وتفريغ الشعور والضعف وإيكال كل الأمر للمدبّر خير ملجأ للنهوض مجدّدًا والعيش بطريقة مسالمة ممزوجة بالرضا والقوّة. فشعورنا بعد تفريغ ضعفنا يخلق القوة مجدّدًا في داخلنا، والتي تتيح لنا إدراك لطائف ما حولنا من نعم وتفاصيل حياتيّة جديدة. هنا، أضع بعض تفاصيلي المنزليّة التي وثّقتها في الفترة الماضية.

20 مارس


آخر مشوار قضيته قبل الحجر المنزلي، شراء حاجيّات وإيصال باقة ورد لمناسبة تخص إحدى قريباتي. بالمصادفة، يوافق هذا التاريخ يوم السعادة العالمي، والذي دفعني لتأمّل فلسفة شخصيّة طريفة: ربما تكون السعادة حقّا خلف التغيّرات التي تحزننا.

27 مارس



مفاجأة أسرتي لي بكعكة الاحتفاء بذكرى مدوّنتي، مرفقة بتصميم خاص (وضعته كصورة أساسيّة لهذه التدوينة في الأعلى) يحمل واجهات كل مدوّناتي، وجوري أحمر فاتن وبطاقة تحمل كلمات دافئة. فرحت كثيرًا بتلك التفاصيل التي أسعدتني بشكل مضاعف وأحدثت جوًّا مغايرًا لي ولأسرتي في ظل هذه الظروف.

28 مارس


نزهة خفيفة لحديقة مجاورة سيرًا على الأقدام، تفاجأت بكثرة المتواجدين بخلاف العادة، وانتابني شعور باتحاد الشعور بين الأطفال والكبار والرجال والنساء والمواطنين والمقيمين بخلاف ما يقومون به كامتطاء الدراجات، الجري، السواليف، سير الأمهات بدفع عربات الأطفال وهو رغبة الخروج من المنزل والاحتكاك بالطبيعة.

1 إبريل


جلسة المغرب برعاية وجبة خفيفة من الجوز والكاجو والحب الشمسي، وأول فاصل كتاب قماشي أخيطه مع رواية برتقال إسماعيل التي أقضي وقت ممتع جدًّا بها.

3إبريل


لعبة مسلّية لتشكيل كلمات باللغة العربية الفصحى وإحراز نقاط على كل حرف. كان وقتًا ثريًّا وماتع. فالمتعة ليست دائمًا بإهدار الوقت فيما لا يفيد!


تعليقات

  1. حفظ الله أسرتك المحبة وكل أحبابك💕
    ما شاء الله قاطع الكتب جميل جدًا🌸
    أوقاتًا طيبة✨

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً لدعواتك وإعجابك نوّار، حفظ الله روحك.

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

حياة الركض لا تشبهني