" وجــــده "

                               

قبل أيام حدثتني فتاة تدرس في أمريكا عن مقال قرأته في صحيفة جامعتها هناك و الذي كتبته إحدى العربيات...تكلمت في هذا المقال عن فيلم وجده و أشادت بتميّزه و انبهار الأغلبية به خصوصاً أنه تم تصويره في السعودية تحديداً... قد أخبرتني بأنها تعجبت من ذلك خاصة حين نشر المقال في الصحيفة وسط مجتمع أمريكي وكأنها الفرصة للفخر بذلك..

 فيلم وجدة هو فيلم سعودي لمخرجة سعودية و قد حصل مؤخراً على جائزة الأوسكار الشهيرة مما أحدث ضجة إعلامية تفوق كونه فيلم تم إخراجه بجهد قد يستحق الفوز عن كونه فيلم سعودي في ذات الوقت...أنا ممن انبهروا كذلك ... ففكرة تنافُس السعودية في مجال سنمائي كالأوسكار يجبرك على التوقف...بعيداً عن صيت الفيلم و الانبهار بالفيلم..ما هو الفيلم..؟؟ الفيلم حكاية طفلة عشقت دراجة و كأنها تعشق الحرية و أصرّت على نيلها رغم كل شيء و الفيلم أكثر من ذلك...لكن المحك هو تصريح المخرجة بأنه دعوى لإثبات قدرة النساء على التغيير و كسر قيود التقاليد و المجتمع المحافظ و العزم على التغيير ... و لتعريف المجتمعات الشرقية و الغربية بما وراء هذا المجتمع المغلق!! الذي يوقف المرأة عند حدود معينة و يقول لها هنا..قفي..فيجدر بها حينها أن لا تقف.. و أن تكمل..

بعيداً عن هذا التصريح..ما هو التغيير؟؟ما هي الحرية ؟؟ مجدداً الحرية..!! هل غدت الحرية مبرراً لكل ما يحدث اليوم؟؟ تلك الصحف و الشاشات المزدحمة بأخبار الدم من أجل الحرية.. تلك الكوارث السوداء التي ترفع من نسب الأطفال المجهولين انبثقت من الحرية.. و هاهي الحرية كذلك تحتضن طفلة صغيرة لا تعي سوا سطحية القصة للفيلم و حبها للدراجة..لكنها أكثر و أعمق مما تتصور.. نجد "وجده" اليوم نهضة انبهار و إنجاز.. بينما لا نجد ذلك في غيره من ما تحققه نساء المجتمع السعودي.. حين تعتزم التغيير للأفضل .. و البذل في مجالات لا تعد و لا تحصى...فهي القاصّة و المخرجة و الباذلة تحت مظلات تطوّعية و الكاتبة و المخترعة و الباحثة و العالمة...و الكثير..دون كل هذه المقاصد و الضجة المربكة و الهراء...

هم يرون القيود بوضوح لأنهم تجاوزوا حدوداً لا تتجاوز و أسموها حينها بالحرية... هم يقولون أننا نريد التغيير..ثم يصمتون ليقينهم بأن التغيير يعم كل شيء... هم يزعمون أن النهوض من أجل الحياة و رؤية المستقبل و عدم السكوت عن أحقية العيش بروح الإنجاز و البذل لا يتحقق إلا بتهشيم "التقاليد" .. قاصدين الدين و الدنيا... هم لا يعون أن "وجده" لم يوجد لنا شيئاً جديداً... كان الصدى للعواء العتيق.. من ذات الغابة المشؤومة..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أن تعيش حقيقتك – خطوات عميقة في معرفة النفس

المرأة من منظور "زمّليني"

ثمن التجربة